كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

وهو: أنَّ القول في الصفات كالقول في الذات، ومن هذا الأصل نقول: فكما أنَّه لا يَعْلَم كيف هو إلاَّ هو سبحانه، فكذلك لا يعلم كيفية نزوله إلا هو سبحانه.
فمن قال لنا كيف ينزل؟ نقول له: كيف هو؟ فإذا قال: لا يَعْلَم كيف هو إلا هو، قلنا له: فكذلك لا يعلم كيفية نزوله إلا هو، فالعلم بكيفية الصفة فرعٌ عن العلم بكيفية الموصوف.

قال الناظمُ رحمه الله:

22. قَالُوا: فَيُنْظَرُ بِالعُيُونِ؟ أَبِنْ لَنَا ... فَأَجَبْتُ: رُؤيَتُه لِمَنْ هُوَ مُهْتَدِي
قوله: «قَالُوا: فَيُنْظَرُ بِالعُيُونِ؟» يعني: أفيُنْظَرُ الله سبحانه بالعيون؟ وهذا على تقدير حذف همزة الاستفهام، وهو كثير في لغة العرب.
والمعنى: هل يُنظر الله سبحانه وتعالى بالأبصار نظراً حقيقياً؟
وقوله: «أَبِنْ لَنَا» يعني: بيِّن لنا أيها الشيخُ الصوابَ في هذه المسألة، ووضح لنا الحق فيها، وذلك لأن الناس اختلفوا في رؤية العباد لربهم يوم القيامة.
وقوله: «فَأَجَبْتُ: رُؤيَتُهُ» هذا مصدرٌ مضافٌ إلى المفعول، أي: رؤيةُ العِبَادِ لربهم.
وقوله: «لِمَنْ هُوَ مُهْتَدِي» أي: إنَّ رؤيتَه سبحانه وتعالى حاصِلَةٌ وَوَاقِعَةٌ يومَ القيامةِ لكل مَن هو مهتَدٍ، فـ «مَنْ» اسمٌ موصولٌ من صِيَغِ العموم، فتشمل كل مهتدٍ بهُدَى الله، من الأولين والآخرين.
فالمهتدون بهدى الله والسائرون على صراط الله يرون ربهم سبحانه وتعالى يوم القيامة رؤيَةً بصريَّةً حقيقيَّةً.

الصفحة 68