كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

ومن الآيات الدالة على إثبات الرؤية قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، وقوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 35]، قد فسَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه رضي الله عنهم والتابعون «الزيادة» (1) و «المزيد» (2) في هاتين الآيتين بالنظر إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى.
وأما السنة: فالأدلة الدالة على ذلك كثيرةٌ شهيرةٌ (3)، ولهذا قيل:
__________
(1) أخرج مسلم في «صحيحه» (1/ 163 رقم 181) من حديث صُهَيْبٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قال: يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شيئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وتنجينا من النَّارِ؟ قال: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فما أُعْطُوا شيئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ من النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عز وجل، ثُمَّ تَلا هذه الآيَةَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}».
قال البيهقيُّ في «الاعتقاد» (ص 123): (وقد فسَّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المبيِّنُ عن الله عزَّ وجلَّ، فمَن بعده من الصحابة الذين أخذوا عنه، والتابعين الذين أخذوا عن الصحابة أنَّ «الزيادة» في هذه الآية النظرُ إلى وجه الله تبارك وتعالى وانتشر عنه وعنهم إثبات رؤية الله عز وجل في الآخرة بالأبصار).
وللاستزادة ينظر سياق الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب في «اعتقاد أهل السنة» لللالكائي (3/ 455 - 463).
(2) قال اللالكائي في «اعتقاد أهل السنة» (3/ 469): (قوله عز وجل: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} روي عن عليٍّ وأنسِ بنِ مالكٍ: أنَّه النظر إلى وجه الله عز وجل، ومن التابعين: زيدُ بنُ وَهْبٍ وقال: يتجلى لهم كل جمعة).
(3) قال ابن حجر في «الفتح» (13/ 530): (جَمَعَ الدارقطنيُّ طُرُقَ الأحاديث الواردة في رؤية الله تعالى في الآخرة فزادت على العشرين، وتتبعها ابن القيم في «حادي الأرواح» فبلغت الثلاثين، وأكثرُها جيادٌ، وأسند الدارقطني عن يحيى بن معين قال: عندي سبعةَ عشرَ حديثاً في الرؤية صحاحٌ).
وقد صنَّف في إثبات الرؤية جماعةٌ من أهل العلم، منهم: الدارقطني في كتابه «الرؤية»، وابن النحاس في كتابه «رؤية الله تبارك وتعالى»، والآجري في كتابه «التصديق بالنظر إلى وجه الله تعالى» للآجري، وغيرهم.

الصفحة 70