كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

وقد جاء ما يدل على أنَّ أهلَ الجنة لهم موعدٌ يرون فيه ربهم، وهو يقابل يوم الجمعة في الدنيا، وأن ذلك اليوم يسمى «يوم المزيد» يوم القيامة، وأما أهلُ الدرجاتِ العُلَى -الأنبياءُ والصدِّيقُون- فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جَنَّتَانِ من فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وما فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ من ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وما فِيهِمَا، وما بين الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إلى رَبِّهِمْ إلا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ على وَجْهِهِ في جَنَّةِ عَدْنٍ» (1).
ومن المسائل أيضاً: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل ليلة المعراج، وهذه المسألة الخلاف فيها مشهورٌ بين أهل السنة (2)، والصحيح في المسألة أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه بعيني رأسه (3).
ثم قال الناظمُ رحمه الله:

23. قَالُوا: فَهَلْ لله عِلْمٌ؟ قُلْتُ: مَا بِالعُيُونِ؟ أَبِنْ لَنَا ... مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ بِعِلْمٍ مُرْتَد
قوله: «قَالُوا: فَهَلْ لله عِلْمٌ؟» يعني: هل يوصف الله عز وجل بالعلم؟ فهل يُقال: عِلْمُ الله، كما يقال: حياتُه وسمعُه وبصرُه؟.
__________
(1) متفقٌ عليه، أخرجه البخاري (4/ 1848 رقم 4597)، ومسلم (1/ 163 رقم 180).
(2) ينظر في تفصيل هذه المسألة وأقوال أهل العلم فيها رسالةُ: «رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه عزَّ وجل» للدكتور محمد خليفة التميمي.
(3) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (6/ 509): (وليس في الأدلة ما يقتضي أنَّه رآه صلى الله عليه وسلم بعينِه، ولا ثبت ذلك عن أحدٍ من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك، بل النصوصُ الصحيحةُ على نفيهِ أدلُّ، كما في صحيحِ مسلمٍ عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيتَ ربَّك؟ فقال: «نورٌ أنَّى أَرَاهُ»).

الصفحة 76