كتاب شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

بها المفعول والمخلوق والمردود، فأنت تقول مثلاً: (هذا خَلْقُ الله) تشير بذلك إلى بعض المخلوقات كالسماوات والأرض وغيرهما، فقولك: (هذا خَلْقُ الله) يعني: مخلوقٌ لله، وتقول: الخلق من صفات الله، وهذا حقٌّ، فإن الخلق صفةٌ من صفات الله عزَّ وَجَلَّ وفعلٌ من أفعاله القائمة به سبحانه.
فأفعالُ العبادِ هي أفعالٌ لهم قائمةٌ بهم، لكنَّها في نفسِ الوقتِ هي مفعولةٌ ومخلوقةٌ لله عز وجل.
وبعد هذا نأتي إلى عبارة الناظم رحمه الله فقوله: «فَقُلتُ: مَا مِنْ خَالِقٍ غَيرُ الإِلَهِ الأَمْجَدِ» فـ «غيرُ» خبرُ «خَالِق» فإنَّه مبتدأ دخلت عليه «مِنْ» الزائدة، فهو مجرورٌ في محلِّ رفعٍ.
وكلام الناظم هذا يتضمن أنَّ الله خالق أفعال العباد، وواضحٌ منه أنَّه يردُّ قولَ المعتزلة، ويقول: إنَّ أفعالَ العبادِ مخلوقةٌ لله، ليس هناك خالقٌ إلا الله، فالله عز وجل خالق العباد، وهو خالق أفعالهم، إذاً أفعالُ العبادِ مخلوقةٌ لله.
وهذا القَدْرُ مشتَرَكٌ بين الجبريَّة والأشاعرة وأهل السنة -كما تقدم-.
وبهذا لم يتضح مذهب الناظم على وجه التحديد، هل هو على مذهب الأشعري أو لا؟
نعم مستبعدٌ أن يكون الناظم ممن يقول بقول الجهمية الجبرية القائلين بأن أفعال العباد مخلوقةٌ لله، وأنَّ العباد لا قدرة لهم على ذلك ولا مشيئة، لكن هل هو ممن يقول بمذهب أهل السنة، وهو أن أفعال العباد مخلوقة لله وهي أفعالٌ لهم حقيقة؟، أو يقول بمذهب الأشاعرة، وهو أن أفعال العباد مخلوقة لله وكسبٌ من العباد فلا تأثير

الصفحة 92