بالكتاب، فقال القاضي: هذا الكتاب ليس بلازم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع تميماً ما لم يملك. فاستفتى الوالي الفقهاء، وكان الطوسي -يعني الغزالي- حينئذٍ ببيت المقدس فقال: هذا القاضي كافر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زويت لي الأرض كلها)) وكان يقطع في الجنة فيقول: قصر كذا لفلان، فوعده صدقٌ، وعطاؤه حق. قال: فخزي القاضي والوالي، وبقي آل تميم على ما بأيديهم.
[كلام الغزالي]
قلت: وقد وقفت على أصل هذه القصة التي أشار إليها ابن العربي في كتاب ((قانون التأويل)) للغزالي، وهو كتاب جمعه القاضي أبو بكر بن العربي من فوائد الغزالي، ونصه في هذا الموضع:
((ما قوله -أدام الله علوه- فيما أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم تميماً الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام، ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك، ولم يتصل به القبض، ولم يجر تحديد محل الإقطاع، هل يجوز للإمام أن ينزع ذلك من آل تميم؟ ومتى يحصل الملك للمقطع؟)).
فأجاب: ذلك الإقطاع صحيح لتميم، ومنتقل إلى أعقابه.
ووقت حصول الملك: عند تسليم الإمام المستولي على ملك الأرض له ذلك.
ووجه صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مختصاً بالصفايا من المغنم، حتى كان يختار من المغنم ما يريد ويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه، فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فيصير ملكاً له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهي من التخصيصات قبل الاستيلاء، وليس ذلك