لغيره [من الأئمة]، فإنه صلى الله عليه وسلم كان مطلعاً بالوحي على ما سيملك في المستقبل، وعلى وجه المصلحة في التخصيص والاستثناء وغير ذلك، ولا يطلع غيره عليه.
وأما قول من قال: ((لا يصح إقطاعه، لأنه قبل الملك))، فهو كفر محض؛ لأنه يقال له: هل حل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعله أو كان ظالماً بتصرفه ذلك؟ فإن جعله ظالماً، كفر، وإن قال: ((بل حل له ذلك))، قيل له: أفعلم أن ذلك يحصل أو لا؟ فإن جهله، كفر. وإن قال: ((إنه علم لكن علم أنه لا يحصل))، قيل له: فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه!! فيطيب قلب من سأله بما لا يحصل له!! فهذا محض الخداع والتلبيس، ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر.
وأما قوله: ((إن القبض لم يحصل))، فهو مردود من وجهين: (أحدهما): أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة، فهو كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر، فإنها تحرم على الأول، ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر. بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصاً من موات الأرض شيئاً؛ فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال، بل إنما يملكه بالإحياء. والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص.
وأما الحد فليس شرطاً للصحة، ولا سيما في الأمور العامة. ولا يشترط التسليم.
وللإمام عند التسليم أن يعول فيه على الشهرة، وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الاشتباه، فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة، بخلاف التصرفات الجزئية. انتهى.
وقد اشتمل على فوائد.