كتاب شرح الدعاء من الكتاب والسنة

{وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} أي: خلّصنا بواسع رحمتك من مجاورة القوم الكافرين، وتخصيص التوسل برحمته؛ لأنّ بها يحصل المطلوب، ويزول المكروه، وفي هذا دليل على اهتمامهم بأمر دينهم فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم؛ ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ من مصائب الدين؛ لأنها أشد المصائب والمهالك، ((وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا)) (¬1).
الفوائد:

1 - إن الإيمان الصادق يقتضي التوكل على اللَّه تعالى وحده: {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا}.
2 - إن الدعاء لا ينافي التوكل على اللَّه تعالى والتقوي به، بل هو أدلُّ على التوجه بالتوكل والاعتماد على اللَّه تعالى، والمؤمن لا يتمنّى البلاء، ولكن يثبت عند اللقاء)) (¬2).
3 - أهمية التوسل إلى اللَّه تعالى حال الدعاء، حيث توسلوا إليه بعملهم الصالح: (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا)، وتوسلوا إليه باسم من أسمائه الحسنى (رَبَّنَا)، وصفة من صفاته العلا (برحمتك) ((نجنا برحمتك)).
¬_________
(¬1) سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا علي بن حجر، برقم 3502، والنسائي، كتاب الجمعة، الصلاة قبل الجمعة والإمام على المنبر، برقم 10151. وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2783.
(¬2) في ظلال القرآن، 3/ 1816.

الصفحة 181