كتاب شرح الدعاء من الكتاب والسنة

قال ابن القيم رحمه اللَّه: ((أنزه الموجودات، وأظهرها، وأنورها، وأعلاها ذاتاً وقدراً عرش الرحمن، وكلّما قرب إلى العرش كان أنور، وأزهر، فلذا كان الفردوس أعلى الجنان وأفضلها)) (¬1).
ولما كانت الفردوس أعلى الجنان درجة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والفردوس أعلاها درجة ... )) (¬2)، فهي كذلك تتفاوت في العلو
والرفعة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم حارثة، حينما سألت عنه حين أصيب يوم بدر، فقال لها: ((ويحك، أهبلت، أوَجنةٌ واحدةٌ هي؟ إنها جنان في جنة))، وفي رواية: ((إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى)) (¬3)، فلذلك حثّنا - صلى الله عليه وسلم - أن نسأل أعلاها، فقال: ((فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس [الأعلى])) (¬4).
ففي بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفصيل لدرجات الجنة، وإن الفردوس هي أعلاها، وحثّه - صلى الله عليه وسلم - لنا في سؤالها يدل دلالة واضحة على حرصه، وعنايته للخير لأمته في أحسن أسلوب من الترغيب والتشويق، وفي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الجميع بالدعاء بالفردوس، بل بالفردوس الأعلى ((إن درجة المجاهد قد ينالها غير المجاهد، إما بالنية الخالصة، أو بما
¬_________
(¬1) فيض القدير، 4/ 107.
(¬2) أخرجه أحمد، 37/ 369، برقم 22695، والترمذي، كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة درجات الجنة، برقم 2531، وابن أبي شيبة، 13/ 138، برقم 35211، والمقدسي في المختارة، 3/ 337، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 922، وصحيح الترمذي، 2531.
(¬3) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 6550 - 6567.
(¬4) البخاري في جزء من حديث، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء، برقم 7423، وما بين المعقوفين من موارد الظمآن، برقم 2432.

الصفحة 526