كتاب حياة السلف بين القول والعمل
والأئمة أقرب كان قوله أعلى وأفضل" (¬1).
ولا شك أن كلام السلف وما نُقل عنهم من سيرهم لا يمكن حصره واستيعابه، ولو جُمع كل ما نُقل عنهم لبلغ ذلك عشرات الكراريس والمجلدات الضخمة، ولجُمع ما لا ينبغي ذكره من البدع والخرافات والمبالغات التي نجزم يقينًا أنها لم تصح عنهم، فقد كُذب عليهم كما كُذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما من جاء بعدهم فقد يقع منهم بعض هذه الأخطاء ولكن حسناتهم تغمر سيئاتهم.
وغرضي من هذا الكتاب: أن أقدِّم للقارئ والباحث ما كان عليه سلفنا الصالح بعيدًا عن ما كُذب عليهم، أو ما صدر عن بعضهم من الأخطاء التي فعلها باجتهادٍ منه وحسن نية. فالهدف هو أن يعيش المسلم حياة السلف، وأخلاقهم، وتعاملهم، وعبادتهم، وصلاح سريرتهم، وسلامة صدورهم، وغير ذلك مما يزيد من همة المسلم، ويحثه على الاقتداء بهم، والتمسك بآثارهم؛ فعند ذلك سيلاحظ مع الأيام تغيرًا ظاهرًا في حاله وقلبه، وفي تعامله وأخلاقه.
ومما يلاحظ على كثير من الكتب التي كتبت في هذا الموضوع:
1 - بعض هذه الكتب تجمع الغث والسمين، والطيب والرديء. ولم تُنقّح، ولم تحقق.
2 - وبعضها يحتاج إلى بعض الترتيب والتنسيق.
3 - وبعض هذه الكتب ضخمةٌ وكبيرة جدًا حتى يصل بعضها إلى 30 مجلدًا، فلا يستفيد منها إلا القليل من الناس.
4 - ويلاحظ على هذه الكتب أيضًا أنه إذا أراد القارئ أو الباحث موضوعًا ما فإنه لا بد أن يقرأ جميع ما في الكتاب حتى يُلمم شتات هذا الموضوع، لأن طريقة العلماء في هذا المجال هي أن يذكروا سيرة الشخص، وأقواله، وما قيل عنه، ولم يسلكوا طريقة المواضيع والعناوين ويذكروا الآثار التي تخص كل موضوع.
¬_________
(¬1) التدمرية ص: 192 تحقيق د. محمد السعوي.
الصفحة 6
936