كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 3)

للتعليل؛ أي: فلأجل ذلك لم أتخذ، قوله: "مَؤئِلَا": مفعول لم أتخذ، وقوله: "إلا فِنَاءَكَ": استثناء مقدم منصوب لأنه عن غير موجب.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "مُغِيْثًا مُغْنِيًا مَنْ أَجَرْتَهُ" فإن قوله: "مُغِيثًا مُغْنيًا": اسمان وقد تنازعا في قوله: "مَنْ أَجَرْتَهُ" لأن كلًّا منهما يستدعي أن يعمل فيه (¬1).

الشاهد الثامن والعشرون بعد الأربعمائة (¬2)، (¬3)
قضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ ... وَعَزَّةُ مَمْطُول مُعَنًّى غَرِيمُهَا
أقول: قائله هو كثير بن عبد الرحمن، وهو من قصيدة من الطويل، وبعد البيت المذكور (¬4):
2 - إذا سُمْتُ نَفْسِي هَجْرَهَا واجْتِنَابَهَا ... رَأَتْ غَمَرَاتِ المَوْتِ فِيمَا أَسُومُهَا
3 - فَهَلْ تَجْزِيَنِّي عَزَّةُ القَرْضَ بِالهَوَى ... ثَوَابًا لِنَفْسٍ قدْ أُصِيبَ صَمِيمُهَا
4 - وَقدْ عَلِمَتْ بِالغَيْبِ أَنْ لَنْ أَوَدَّهَا ... إذَا هيَ لَمْ يَكْرُمْ عَلَيَّ كَرِيمُهَا
وكان السبب في هذا أن كثيرًا كان له غلام عطَّار بالمدينة، وربما باع نساء العرب بالنسيئة فأعْطَى عزةَ -وهو لا يعرفها- شيئًا من العطر فمَطَلتْه أيامًا، وحضرت إلى حانوته في نسوة وطالبها، فقالت له حبًّا وكرامة: ما أقرب الوفاء وأسرعه، فأنشد متمثلًا:
قضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ ... ..................... إلخ
فقالت النسوة: أتدري من غريمتك؟، فقال: لا والله، فقلن: هي واللَّه عزة، فقال: أشهدكن الله أنها في حِلٍّ مما لي في قِبَلَها، ثم مضى إلى سيده فأخبره بذلك، فقال كُثَيّرُ: وأنا أُشهد اللَّه
¬__________
(¬1) ينظر الأشموني بحاشية الصبان (2/ 99، 100)، وقد ذكر أن العاملين في التنازع إما: فعلان متصرفان، أو اسمان يشبهان الفعلين "بيت الشاهد" أو اسم وفعل، فمثال الأول: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]، ومثال الثالث: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19].
(¬2) توضيح المقاصد (2/ 63)، أوضح المسالك (2/ 25).
(¬3) البيت من بحر الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه (207) ضمن سلسلة شعراؤنا، تقديم وشرح: مجيد طراد، وينظر بيت الشاهد في البصريات (1/ 524)، والإنصاف (290)، والتصريح (1/ 318)، والأشموني وشواهده للعيني (2/ 101)، والخزانة (5/ 223)، والدرر (5/ 326)، وابن يعيش (1/ 8)، والمغني (417).
(¬4) ينظر الديوان (207) والأبيات فيه متفرقة في ثنايا القصيدة، ط. دار الكتاب العربي، شرح: مجيد طراد، أولى (1993 م)، والقصيدة أيضًا في الديوان (143)، تحقيق د. إحسان عباس "دار الثفافة، بيروت" وقبل بيت الشاهد قوله:
وَلِي مِنْك أَيَّامٌ إِذَا شَحطَ النَّوَى ... طِوَالٌ وَلَيْلَاتٌ نُزُولٌ نُجُومُهَا

الصفحة 1010