كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 3)

الشاهد الرابع والثلاثون بعد الأربعمائة (¬1)، (¬2)
إذَا كُنْتَ تُرْضِيهُ ويُرْضِيكَ صاحِبٌ ... جِهَارًا فكُنْ في الْغَيْبِ أَحْفَظَ للوُدِّ
وأَلْغِ أَحَادِيثَ الوُشَاةِ فقَلَّمَا ... يُحَاولُ وَاشٍ غير فسادِ ذِي عَهْدِ
أقول: البيتان من الطويل.
1 - قوله: "جهارًا" بكسر الجيم؛ أي: عيانًا، قوله: "للود" بضم الواو وهو المحبة.
2 - و "الوشاة" بضم الواو؛ جمع واشٍ؛ كالقضاة جمع قاض، من وشى يشي وشاية إذا نمَّ عليه وسعى به، وأصله: استخراج الحديث باللطف والسؤال، قوله: "يحاول" أي: يريد [أن يحاول] (¬3) من حاولت الشيء إذا أردته.
الإعراب:
قوله: "إذا" للشرط، وقوله: "فكن في الغيب": جوابه، والتاء في: "كنت": اسم كان، و "ترضيه": جملة من الفعل والفاعل والمفعول خبرها، قوله: "ويرضيك صاحب": عطف على ترضيه، وهي -أيضًا- جملة من الفعل والفاعل والمفعول، وقد تنازع الفعلان -أعني: ترضيه ويرضيك في قوله: "صاحب"، فأعمل الثاني في: صاحب، وأضمر في الأول ضمير المفعول.
قوله: "جهارًا" نصب على الظرفية، أي: في حالة الجهر، قوله: "فكن": أمر وأنت مستتر فيه اسم كان، وقوله: "أحفظ للود": خبرها، وقوله: "في الغيب": صفة للود، أي: للود الكائن في الغائب، قوله: "وألغ": أمر من الإلغاء، وأنت مستتر فيه فاعله، وقوله: "أحاديث الوشاة": كلام إضافي مفعوله.
قوله: "فقلما": جواب الأمر؛ فلذلك أتي بالفاء، وقل: فعل [ماض] (¬4) دخلت عليه ما المصدرية، والتقدير: قَلَّ محاولة الواشي غير إفساد ذي العهد، والذي عليه الجمهور أن ما هاهنا كافة فلا تتصل إلا بثلاثة أفعال وهي: قل وكثر وطال (¬5)، وعلة ذلك شَبَهُهُنَّ برُبَّ،
¬__________
(¬1) ابن الناظم (99)، وتوضيح المقاصد (2/ 71)، وأوضح المسالك (2/ 31)، وشرح ابن عقيل (2/ 163).
(¬2) البيتان من بحر الطويل، وهما لقائل مجهول، وفيهما دعوة للأخلاق العالية في حفظ الغيب للصديق، وعدم سماع كلام الوشاة، وهما في تخليص الشواهد (514)، والدرر (5/ 319)، والتصريح (1/ 322)، وشرح شواهد المغني (745)، والمغني (333)، والهمع (2/ 110).
(¬3) و (¬4) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬5) ينظر التعويض وأثره في الدراسات النحوية واللغوية (30، 31، 108) لعبد الرحمن محمد إسماعيل، ط. أولى (1982 م).

الصفحة 1023