كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 3)

ولا تدخل حينئذ إلا على جملة فعلية صرح بفعلها؛ كما في البيت المذكور، وأما قول المرار (¬1):
صددتِ فأطْولتِ الصُّدُودَ وقلما ... وصَالٌ على طول الصُّدود يدوم
فقال سيبويه: ضرورة (¬2)، وقال الفارسي: طالما وقلما وكثر ما لا فاعل لهن؛ لأن الكلام لمّا حمل على النفي استغنى عن الفاعل، وما هنا عوض عن الفاعل ونظيره (¬3):
........... أما أنت ذا نفر ... ...........................
فما عوض عن كان، وإنما جعلت ما عوضًا عن الفاعل؛ إذ كان الفعل لا يخلو عن فاعل (¬4).
وقال ابن جني [رحمه اللَّه تعالى]: (¬5) ينبغي أن يكتب: طالما وقلما موصولًا بما؛ لأنها خلطت بهما وجعلا شيئًا واحدًا وهيأتهما لوقوع الفعل بعدهما، فلما اتصلا معنًى وجب أن يتصلا خطًّا، وكذا كان يجب في: كثر ما إلا أن الراء لا تتصل بما بعدها.
وحكى أبو محمد عبد الله بن درستويه الصفوي (¬6) -[رحمه الله تعالى] (¬7): أنها تكتب منفصلة وأنه لا يكتب من الأفعال شيئًا متصلًا إلا نعمَّا وبئسما (¬8).
قوله: "يحاول": فعل مضارع، وقوله: "واش": فاعله، وقوله: "غير إفساد": كلام إضافي مفعوله.
¬__________
(¬1) البيت من الطويل، ينظر الأغاني (10/ 365) وروايته:
صددت فأطولتَ الصدود ولا أرى ... وصال على طول الصدود يدوم
قال ابن الأعرابي: لم تصرمْ صُرْمَ بَتَّاتٍ، ولكن صرمتَ صرمَ دلال، وأطولت الصدود: أي: أطلته. والبيت من أبيات الكتاب (1/ 31)، وفيه نسب لعمر بن أبي ربيعة.
(¬2) ينظر الكتاب (3/ 115).
(¬3) هو جزء بيت من الشعر للعباس بن مرداس في الكتاب (1/ 293)، وابن يعيش (2/ 99)، وشواهد المغني (43)، وشرح ابن عقيل (1/ 296)، وهو الشاهد رقم (206) من شواهد الكتاب الذي بين يديك.
والشاهد فيه هنا هو حذف كان والتعويض عنها بما تعويضًا لازمًا.
(¬4) ينظر البغداديات (296 - 301).
(¬5) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬6) هو عبد الله بن جعفر بن درستويه، صنف الإرشاد في النحو وشرح الفصيح وغيرهما: (ت 347 هـ)، ينظر بغية الوعاة (2/ 36).
(¬7) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬8) انظر نصه في كتاب الكُتّاب (61)، يقول: "ولا يجوز أن يوصل ما أشبه نعم وبئس من الأفعال بما؛ كقولك: حسن ما علت به، وعظم ما أتيت، ولا مثل: طال ما، وقل ما، وإن سكنت بساطتهما وكثرا في الكلام، لأنهما لم يغيرا عن أبنيتهما، وليس فيهما ما في نعم وبئس".

الصفحة 1024