كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)
عن الإضافة وانتصابه حالًا (¬1)، ووافقه أبو علي (¬2) في الحلبيات (¬3)، ويعضده قراءة نافع (¬4): (إنا كلًّا فيها) (¬5) [غافر: 48]، و "كل شيء" كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله: "باطل". وقد علم أن كلمة "كل" إذا أضيفت إلى نكرة تقتضي عموم الأفراد، وإذا أضيفت إلى المعرفة تقتضي عموم الأجزاء، تقول: كل زُمَّانٍ مأكول، ولا تقول: كل الرمان مأكول، ولفظة "الله" منصوبة بقوله "خلا".
فإن قلت: ما موضوع الجملة كلها من الإعراب؟.
قلت: يجوز أن يكون حالًا (¬6)، وبه جزم السيرافي (¬7)، فيكون التقدير: ألا كل شيء حال كونه خاليًا عن الله باطل؛ كما تقول في قولك: جاءني القوم ما خلا زيدًا، يعني جاءني القوم حال كونهم خالين عن زيد، ويجوز أن يكون نصبًا على الظرفية (¬8)؛ فيكون التقدير: ألا كل شيء وقت خلوهم عن الله باطل كما تقول في قولك: جاءني القوم ما خلا زيدًا. جاءني القوم وقت خلوهم عن زيد.
¬__________
= وما بعدها، والزبيدي (74)، وشذرات الذهب (2/ 36)، ومعجم الأدباء (11/ 224).
(¬1) قال أبو حيان: "وشذ تنكيره وانتصابه حالًا في ما حكى الأخفش". الارتشاف (2/ 515، 516).
(¬2) هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي، صنَّف الإيضاح والتكملة والحلبيات وغيرها (ت 377 هـ)، ينظر تاريخ بغداد (7/ 275، 276) للخطيب البغدادي، القاهرة (1931 م)، ووفيات الأعيان (2/ 80 - 82)، ومعجم الأدباء (7/ 232 - 261). والأعلام (2/ 193، 194).
(¬3) لم أعثر عليه في الكتاب المذكور كما أشار العيني.
(¬4) نافع المدني أبو عبد الله من أئمة التابعين بالمدينة، مجهول النسب (ت 169 هـ). الأعلام (8/ 5).
(¬5) قال مكي: "وأجاز الكسائي والفراء نصب كل، على النعت للمضمر المنصوب بإن، ولا يجوز ذلك عند البصريين؛ لأن المضمر لا ينعت، ولأن كلًّا نكرة في اللفظ، والمضمر معرفة. ووجه قولهما أنه تأكيد للمضمر، والكوفيون يسمون التأكيد نعتًا، وكل وإن كان لفظة نكرة فهو معرفة عند سيبويه على تقدير الإضافة والحذف، ولا يجوز البدل؛ لأن المخبر عن نفسه لا يبدل منه غيره. ينظر مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب (637) تحقيق حاتم الضامن، ط. مؤسسة الرسالة. رابعة (1988 م) ومعاني القرآن للفراء (3/ 10) والكتاب (2/ 113) وما بعدها، هارون، والقرطبي (15/ 321)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت (1985 م).
(¬6) قال أبو حيان: "والفعل نصب لا خلاف في ذلك بين البصريين والكوفيين موضوع موضع الحال. قاله السيرافي الارتشاف (2/ 318)، وينظر ابن يعيش (2/ 78).
(¬7) هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، شرح كتاب سيبويه وشرح شواهده، وصنف المدخل إلى الكتاب وغيرها (ت 368 هـ). ينظر المدارس النحوية: (145) وما بعدها، وشذرات الذهب (3/ 65).
(¬8) قال أبو حيان: "وذهب ابن خروف إلى أن انتصابه على الاستثناء انتصاب غير، وقيل: مصدرية ظرفية؛ أي: وقت خلوهم ودخوله معنى الاستثناء". الارتشاف (2/ 318)، وينظر المغني (1/ 133، 134).