كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 3)

أقصر عنك، و "قوّ" بفتح القاف، و "عرعر" موضعان، يقول: جل قومها بهذين الموضعين المتباعدين عن ديارك فاشتد لذلك شوقك.
2 - قوله: "كنانية" أي: من بني كنانة أو من بلادهم، قوله: "بانت" أي: ذهبت وانقطعت عنك وجاورت حيًّا غير حيك، وودها مع ذلك باقٍ في صدرك، ووصف أنها من كنانة، وكنانة من مضر، وأنها جاوزت غسان، وغسان من اليمن؛ إشارة إلى أن حيها ليس من حيه فذلك أشد عليه وأبعد لاجتماعها به، و "يعمر": من بني كنانة، يريد أنها مرَّة تجاور في هذا الحي من كنانة ومرة تجاور من اليمن.
3 - قوله: "أرى أم عمرو" يعني: عمرو بن قميئة اليشكري صاحبه، يصف أن السَّفر بعيد وأن أم عمرو باكية عليه لبعدها عنه وشوقها إليه، قوله: "وما كان أصبرَا! ": تعجب؛ أي: وما كان أصبرها!.
الإعراب:
قوله: "أرى": جملة من الفعل والفاعل، وهو من رؤية البصر، فلذلك اكتفى بمفعول واحد وهو قوله: "أم عمرو"، وقوله: "دمعها" كلام إضافي مبتدأ، و "تحدرا": خبره، والجملة وقعت حالًا بدون الواو، والألف في: تحدرا للإطلاق.
قوله: "بكاء": نصب على التعليل؛ أي: لأجل البكاء على عمرو، قوله: "وما كان أصبرَا": صيغة التعجب؛ أي: وما كان أصبرها!، والضمير المنصوب بأصبر الذي للتعجب قد حذف لدلالة ما قبله عليه، وفيه الاستشهاد.

الشاهد السبعون بعد السبعمائة (¬1)، (¬2)
وَلَم أَرَ شيئًا بَعْدَ لَيلَى أَلذُّهُ ... وَلَا مَنْظَرًا أَروَى بِهِ فَأَعِيجُ
أقول: هذا أنشده أحمد بن يَحْيَى عن ابن الأعرابي، ولم يعزه إلى قائله، وبعده:
2 - كَوسطَى لَيَالِي الشَّهْرِ لَا مُقْسَئِنَّةٌ ... وَلَا وَثَبَى عَجْلَى القِيَامِ خَروجُ
وهما من الطَّويل.
قوله: "ولا منظرًا أروى به" ويروى: ولا مشربًا أروى به، وكذا ضبطه الشَّيخ أبو حيان -رحمه الله تعالى- بيده وهو الصَّحيح، قوله: "فأعيج" أي: أنتفع، يقال: شربت دواء فما عجت
¬__________
(¬1) توضيح المقاصد (3/ 67).
(¬2) البيت من بحر الطَّويل، وهو في الغزل، وقائله مجهول، وانظره في: شرح التصريح (2/ 92)، واللسان: "عيج".

الصفحة 1487