كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
وقوله: "فنعم الزاد": مقدمًا خبره، قوله: "زادًا" في نصبه ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون تمييزًا لمثل في قوله: "زاد أبيك" أي: مثل زاد أبيك زادًا، فيكون نحو قولهم: ما رأيت مثلهم رجلًا، أي: من الرجال، وقد اجتمع فيه التمييز والمميز على جهة التأكيد، وهو مذهب أبي علي وشيخه أبي بكر بن السراج، وقيل: هذا من ضرورة الشعر وإنه لا يحسن في النثر (¬1).
والثاني: أن يكون مفعولًا لقوله تزود.
والثالث: أن يكون منصوبًا على المصدر المحذوف الزيادة، والتقدير: تزود مثل زاد أبيك فينا تزودًا، وذلك مبني على أن يكون الزاد مصدرًا كما قاله الفراء (¬2).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فنعم الزاد إلى آخره" حيث جمع فيه بين الفاعل الظاهر والنكرة المفسرة تأكيدًا كما ذكرنا (¬3).
الشاهد الثاني والتسعون بعد السبعمائة (¬4)، (¬5)
نِعْمَ الفَتَاةُ فَتَاةً هِنْدُ لَوْ بَذَلَتْ ... رَدّ التَّحِيَّةِ نُطْقًا أَوْ بِإِيمَاءِ
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.
الإعراب:
قوله: "نعم الفتاة": جملة من الفعل والفاعل، و"فتاة" بالنصب حال مؤكدة، قوله: "هند": مخصوص بالمدح مرفوع بالابتداء، والجملة قبله خبره، قوله: "لو" للشرط، و"بذلت": جملة فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف تقديره: لو بذلت فهي نعم الفتاة، قوله: "رد التحية": كلام إضافي مفعول بذلت، قوله: "نطقًا": نصب على التمييز، وقوله: "أو بإيماء": عطف عليه.
¬__________
(¬1) قال الفارسي: "وتقول: نعم الرجل رجلًا زيد، فإن لم تذكر رجلًا جاز، وإن ذكرته فتأكيد، قال جرير ثم ذكر البيت". الإيضاح بشرح المقتصد (372)، وينظر المساعد (2/ 130)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 15)، وقضايا الخلاف النحوية والصرفية في شفاء العليل للسلسيلي (527) (دكتوراه بالأزهر).
(¬2) ينظر ابن يعيش (7/ 133).
(¬3) ينظر الشاهد رقم (775).
(¬4) توضيح المقاصد (3/ 93)، وأوضح المسالك (3/ 277) والبيت في موضعه بياض في (أ).
(¬5) البيت من بحر البسيط، وهو في الغزل، لقائل مجهول، يرضي حبيبته باليسير وتقنع بالقليل، وانظره في الارتشاف (3/ 22)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86)، وشواهد التوضيح لابن مالك (110)، والمغني (464)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح شواهد المغني (862)، والخزانة (9/ 398)، والدرر (5/ 209).