كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
الاستشهاد فيه:
في قوله: "من فتى" فإنه تمييز كما ذكرنا، وفيه جمع بين التمييز والفاعل الظاهر، وفيه ثلاثة مذاهب:
المنع: وهو مذهب سيبويه؛ إذ لا إبهام يرفعه التمييز (¬1).
والجواز: وهو مذهب المبرد وابن السراج والفارسي، قال ابن مالك: وهو الصحيح (¬2).
والمذهب الثالث: التفصيل: فإن أفاد التمييز معنى لا يفيده الفاعل جاز نحو: نعم الرجل رجلًا عالمًا، ومنه:
........ نِعْمَ الفَتَى أَنْتَ مِنْ فَتَى ... ................................
لأن المعنى: من متفت؛ كما ذكرنا، فأفاد معنى لا يفيده الفاعل فلذلك جاز، وإلا لم يجز، وصححه ابن عصفور رحمه اللَّه (¬3).
الشاهد الرابع والتسعون بعد السبعمائة (¬4) , (¬5)
إِذَا أَرْسَلُونِي عِنْدَ تَعْذِيرِ حَاجَةٍ ... أُمَارِسُ فِيهَا كُنْتُ نِعْمَ المُمَارِسُ
أقول: قائله هو يزيد بن الطثرية (¬6).
وهو من الطويل، المعنى ظاهر.
¬__________
(¬1) قال سيبويه: "هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرًا .... وذلك قولهم: نعم رجلًا عبد اللَّه كأنك قلت: حسبك به رجلًا عبد الله، لأن المعنى واحد ...... فنعم تكون مرة عاملة في مضمر يفسره ما بعده فتكون هي وهو بمنزلة ويحه ومثله، ثم يعملان في الذي فسر المضمر عمل مثله وويحه إذا قلت: لي مثله عبدًا، وتكون مرة أخرى تعمل في مظهر لا تجاوزه فهي مرة بمنزلة: ربه رجلًا، ومرة بمنزلة: ذهب أخوه فتجري مجرى المضمر الذي قدم لما بعده من التفسير وسد مكانه لأنه قد بينه". الكتاب لسيبويه (2/ 177)، وينظر شرح التصريح (2/ 96)، والارتشاف (3/ 22)، والخصائص (1/ 296، 297).
(¬2) قال ابن مالك: "وأجاز ذلك أبو العباس وقوله في هذا هو الصحيح". شرح التسهيل لابن مالك (3/ 14، 15)، وينظر المقتضب (2/ 150)، وشرح التصريح (2/ 95)، وشرح المقرب (1/ 383) وما بعدها (المرفوعات)، وشفاء العليل (2، 588/ 589).
(¬3) ينظر شرح المقرب (المرفوعات) (388، 389)، وشرح التصريح (2/ 96)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 86).
(¬4) توضيح المقاصد (3/ 102)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬5) البيت من بحر الطويل، وهو ليزيد بن الطثرية (ديوانه (84) شرح: ناصر بن سعد الرشيد)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 17)، والخزانة (9/ 388)، وشرح أبيات سيبوبه (2/ 379)، وشرح الأشموني (3/ 28)، والدرر (5/ 218).
(¬6) هو يزيد بن الطثرية من شعراء بني أمية قتل (126 هـ)، ينظر الأعلام (8/ 183).