كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)

الشاهد السابع والتسعون بعد السبعمائة (¬1)، (¬2)
وَلَسْتَ بِالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى ... وَإنَّمَا العِزَّةُ لِلْكَاثِرِ
أقول: قائله هو الأعشى ميمون بن قيس، وهو من الرجز.
قوله: "حَصًى" أي: عددًا، و"الكاثر" بمعنى الكثير، يقال: عدد كاثر؛ أي: كثير.
الإعراب:
قوله: "ولست" التاء اسم ليس، وقوله: "بالأكثر": خبره، والباء فيه زائدة، و"حصى" نصب على التمييز، وبطل عمل إن بدخول ما الكافة عليها، و"العزة": مبتدأ، و"الكاثر": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "بالأكثر منهم" فإنه جمع بين الألف واللام وكلمة من، وذلك ممتنع؛ لا يقال: زيد الأفضل من عمرو، وأجيب عنه بأربعة أوجه:
الأول: أن: "من" فيه ليست لابتداء الغاية بل لبيان الجنس كما يقال: أنت منهم الفارس الشجاع، أي: من بينهم.
الثاني: أن: "من" تتعلق بمحذوف تقديره: ولست بالأكثر بأكثر منهم، والمحذوف بدل من المذكور.
الثالث: أن: "أل" فيه زائدة فلذلك لم يمنع من دخول: "من".
الرابع: أن: "من" بمعنى في؛ أي: بالأكثر فيهم، ويقال: إن: "منهم" حال من التاء في: "لست"، والتقدير: ولست كائنًا منهم بالأكثر حصًى، وفيه نظر؛ لأن فيه فصلًا بين أفعل ومعموله وهو حصى، بأجنبي وهو معمول ليس، والذي أراه أن يكون حالًا من الضمير المستكن
¬__________
(¬1) ابن الناظم (187)، توضيح المقاصد (3/ 120)، وأوضح المسالك (3/ 295)، وشرح ابن عقيل (3/ 180)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬2) البيت من بحر السريع، من قصيدة للأعشى يهجو فيها علقمة بن علاثة، ويمدح فيها عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، وقد بدأها بالغزل، وهي طويلة، وفيها شواهد نحوية، ومن قوله وهو من أقزع الهجاء:
علقم لا تسفه ولا تجعلن ... عرضك للوارد والصادر
والبيت في الديوان (96) دار الكاتب العربي، والشاهد في الخزانة (1/ 185)، والخصائص (1/ 185، 3/ 236)، وشرح التصريح (2/ 104)، وابن يعيش (6/ 100، 103)، واللسان: "كثر، سدف"، والمغني (572) وهو بلا نسب في ابن يعيش (3/ 6)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 85).

الصفحة 1535