كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
الشاهد المتمم للثمانمائة (¬1)، (¬2)
فَقَالتْ لَنَا أَهْلًا وَسَهْلًا وَزَوَّدَتْ ... جَنَى النَّحْلِ بَلْ مَا زَوَّدَتْ مِنْهُ أَطْيَبُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الطويل.
المعنى ظاهر، [وذكر في كتاب الضيفان لأبي عبيد: ضاف الفرزدق مية الضبية بالمعلى فلم تقره، ولم تحمله، ولم تزوده، فأتى عزيزة من بني ذهل بن ثعلبة فقرته وحملته وزودته، فقال في ذلك:
1 - لأُخْتِ بَنِي ذُهْلٍ غَدَاةَ لَقِيتُهَا ... عَزِيزَةٌ فِينَا مِنْك يَا مَيُّ أَرْغَبُ
2 - أَتَيْنَا بِحَلْبِهَا وَأَفْقَرنَا ابْنهَا ... مُروجًا بِرَحْلَيهَا تَجُولُ وَتَجْذُبُ
3 - وقَالُوا لَنَا أَهْلًا وَسَهْلًا وزوَّدَتْ ... جَنَى النَّحْلِ أَوْ مَا زوَّدَتْ هُوَ أَطْيَبُ
4 - أَبُوهَا ابنُ عَمِّ الشَّعْثَمِيّ وَحَسْبُهَا ... إِذَا كَانَ مِنْ أَشْيَاخِ ذُهْل لَهَا أَبُ (¬3)
الإعراب:
قوله: "فقالت" الفاء للعطف على ما تقدمه، و"قالت": جملة من الفعل والفاعل، وهو الضمير المستتر فيه الراجع إلى محبوبته، وقوله: "لنا": جار ومجرور يتعلق بقالت.
وقوله: "أهلًا وسهلًا": منصوبان على أنهما مقولان للقول، والتقدير: قالت أتيت أهلًا فاستأنس ولا تستوحش وأتيت مكانًا سهلًا.
قوله: "وزودت": جملة من الفعل والفاعل، و"جنى النحل": كلام إضافي مفعوله، وهي في محل النصب على الحال، والماضي إذا وقع حالًا وكان مثبتًا وبالواو لم يحتج إلى قد، قوله: "أو" هاهنا بمعنى بل، والدليل عليه رواية من روى: بل ما زودت.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "منه أطيب" حيث تقدم المجرور بمن على أفعل التفضيل، والحال أنه غير الاستفهام، والتقدير: أطيب منه وهذا قليل (¬4)، وعلى ما ذكره أبو عبيد لا شاهد فيه.
¬__________
(¬1) ابن الناظم (189)، وتوضيح المقاصد (3/ 127)، وشرح ابن عقيل (3/ 184).
(¬2) البيت من بحر الطويل، وهو في الغزل ونسب للفرزدق، وليس في ديوانه، وانظره في ابن يعيش (2/ 60)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 54)، وشرح عمدة الحافظ (766)، وتذكرة النحاة (47)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 104)، والخزانة (8/ 269)، والدرر (5/ 296).
(¬3) والأبيات ليست في ديوان الفرزدق، وهي مع الخبر في الدرر (2/ 337).
(¬4) لا يجوز تقدير من ومجرورها على أفعل التفضيل لأنها بمنزلة المضاف إليه، والمضاف إليه لا يتقدم على المضاف =