كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
البيت: أشكل على أبي علي حتى جعله من تخليط الإعراب (¬1).
قوله: "بركض الجياد": كلام إضافي، والباء فيه بمعنى: "عن" أي: عن ركض الجياد؛ كما في قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12] أي: عن أيمانهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أعلمنا منا" حيث جمع الشاعر فيه بين الإضافة ومن، وأجيب عنه بأن التقدير: أعلم منا، والمضاف إليه في نية المطروح كاللام في: أرسلها العراك (¬2).
الشاهد العاشر بعد الثمانمائة (¬3)، (¬4)
إِذَا غَابَ عَنْكُمْ أَسْوَدُ العَيْنِ كُنْتُمْ ... كِرَامًا وَأَنْتُمْ مَا أَقَامَ أَلَائِمُ
أقول: قائله هو الفرزدق، وهو من الطويل.
قوله: "أسود العين" قال الركني (¬5) في شرحه للكافية: هو اسم رجل، وهو غلط، والمعنى: ما قاله أبو بكر بن دريد: أسود العين: جبل، والجبل لا يغيب، يقول: أنتم لئام أبدًا، قوله: "ألائِم": جمع ألأم على وزن أفعل، بمعنى لئيم، واللئيم: الدنيء الأصل الشحيح النفس.
الإعراب:
قوله: "إذا": للشرط، و"غاب": فعل، و"أسود العين": فاعله، والجملة فعل الشرط، و "عنكم": يتعلق بغاب، قوله: "كنتم كرامًا": جواب الشرط، والضمير المتصل بكان هو اسمه، و"كرامًا": خبره، وهو جمع كريم.
قوله: "وأنتم": مبتدأ، وقوله: "ألائم": خبره، قوله: "ما أقام" أي: ما أقام أسود العين؛ أي: ما دام قائمًا، أي: مدة إقامته، وهذا كناية عن عدم إزالة البخل والشح عنهم؛ كما لا يزول أسود العين عن موضعه كما أشار إليه ابن دريد.
¬__________
(¬1) ولم نجده في كتب أبي علي الفارسي التي بين أيدينا.
(¬2) من أحوال اسم التفضيل: أن يكون مضافًا، وحينئذ يمتنع اقترانه بمن، وما ورد بخلاف ذلك يؤول كما ذكر العيني في هذا البيت.
(¬3) توضيح المقاصد (3/ 123)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬4) البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه إلى الفرزدق، ولكنه ليس في ديوانه، وينظر شرح التصريح (2/ 102)، وشرح شواهد المغني (799)، والخزانة (8/ 277)، واللسان: "عتم"، والمغني (381)، وشرح الأشموني (3/ 51).
(¬5) هو ركن الدين حسن بن محمد الإستراباذي الحسني (ت 712 هـ) ينظر: كشف الظنون (2/ 1370).