كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
والفاعل، قوله: "واختلط" عطف عليه، وفي رواية: كاد؛ فيكون "يختلط": خبر كاد واسمه: "الظلام، ويستعمل بدون أن كما عرفت.
قوله: "جاؤوا": جملة من الفعل والفاعل مظروف إذا، وقوله: "بمذق": في محل النصب لأنه مفعول جاءوا، وقوله: "هل" للاستفهام، و "رأيت" بمعنى أبصرت، و "الذئب": مفعوله، و"قط": تأكيد للماضي المنفي، والاستفهام في معنى النفي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "هل رأيت الذئب قط" وذلك لأنها جملة إنشائية، وظاهرها يشبه أن يكون صفة لقوله: "بمذق" وليس كذلك؛ إذ لا توصف النكرة بالجملة الإنشائية بل إنما توصف بالجمل الخبرية فحينئذ يؤول هذا، والتقدير: جاؤوا بمذق مقول عند رؤيته: هل رأيت الذئب قط؟ (¬1).
وقال البعلي: وفي تخريج هذا وجهان: أن التقدير: جاؤوا بمذق مشابه لونه لون الذئب، والآخر: مثل ما ذكرنا.
الشاهد الرابع عشر بعد الثمانمائة (¬2)، (¬3)
وَيَأْوي إِلَى نِسْوَةٍ عُطُلٍ ... وَشُعْثًا مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِي
أقول: قائله هو أمية بن أبي عائذ الهذلي (¬4)، وهو من قصيدة لامية طويلة من التقارب، وأولها:
1 - أَلَا يَا لَقَوْمِي لِطَيفِ الخيَالِ ... يُؤرِقُ مِنْ نَازحٍ ذي دلَالِ
2 - أَجَازَ إِلَينَا عَلَى بُعْدِهِ ... مَهَاوي خَرقٍ مهَابٍ مَهَالِ
3 - صَحارٍ تَغوَّلُ حِنَّانُهَا ... وَأَحْدَابٍ طودٍ رَفِيعِ الجِبَالِ
¬__________
(¬1) من شروط الجملة الواقعة نعتًا: أن تكون خبرية أي محتملة الصدق والكذب فلا يجوز: مرر برجل اضربه، أو لا تهنه، فإن ورد ما ظاهره جملة طلبية فيؤول على إضمار القول كما في البيت المذكور، قال ابن يعيش بعد أن ذكر البيت: "وهو استفهام على الحكاية وإضمار القول كأنه قال: جاؤوا بمذق مقول فيه ذلك". ابن يعيش (3/ 53)، وينظر المغني (585)، والأشموني (3/ 64).
(¬2) ابن الناظم (195)، وأوضح المسالك (3/ 317)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬3) البيت من بحر المتقارب، من قصيدة طويلة لأمية بن أبي عائد الهذلي، يصف فيها الصحراء والحن والليل، وقد بدأها بالغزل؛ كما ذكر الشارح، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 399، 2/ 66)، وشرح أبيات سيبويه (1/ 146)، وابن يعيش (2/ 18)، ورصف المباني (416)، والمقرب (1/ 225)، والخزانة (2/ 42، 432، 5/ 40)، وشرح أشعار الهذليين (2/ 507)، وشرح التصريح (2/ 117).
(¬4) شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، مدح بني مروان، وفد على عبد العزيز بن مروان، في مصر فأكرمه ووصله. انظر الأغاني (20/ 115) ط. بولاق.