كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
قوله: "ناقع" [بالنون والقاف، يقال: سم ناقع] (¬1) أي: بالغ، ويقال: دم ناقع، أي: طري، قوله: "من ليل التمام" بكسر التاء، وهو أطول ليالي الشتاء، وليل التمام -أيضًا- الذي يطول على من قاساه، وإن قصر، قوله: "سليمها" أي: لديغها، قوله: قعاقع ": جمع قعقعة، وهي حكاية صوت الحلي، وذلك أنهم كانوا يلبسون المنهوس حلي النساء ليمنعه حسه من النوم "تناذرها الراقون" أي: ينذر بعضهم بعضًا لأنها لا تجيب راقيًا لنكارتها وشدتها.
الإعراب:
قوله: "فبت" الفاء للعطف، و "بت": جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر فيه (¬2)، قوله: "كأني" الضمير المتصل به اسمه، و "ساورتني ضئيلة" جملة خبره، و "من" في قوله: "من الرقش" للبيان، وقوله: "السم" مبتدأ، وخبره مقدم وهو قوله: "في أنيابها"، والجملة في محل الرفع لأنها صفة لقوله: "ضئيلة".
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ناقع" فإنه نكرة وقعت صفة لعرفة، وهو قوله: "السم"، قال أبو الحسين بن الطراوة: يجوز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف خاصًّا لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، وجعل من ذلك قول النابغة، ولا يجوز ذلك عند أحد من البصريين إلا ما روي عن الأخفش، ولا حجة في البيت السابق لأن قوله: "ناقع" خبر ثان (¬3).
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬2) يشير إلى أن بات تامة، وقيل إنها ناقصة، وجملة كأني خبرها، والأمران جائزان.
(¬3) لموافقة النعت للمنعوت مطلقًا (حقيقي أو سببي) في التعريف والتنكير ثلاثة أقوال نحوية وهي: مذهب الجمهور: وجوب المطابقة تعريفًا وتنكيرًا، وعلة ذلك أن المخالفة تجعل الشيء معينا وغير معين في وقت واحد، وهو قول سيبويه في الكتاب (1/ 421، 422)، وانظر معه ارتشاف الضرب لأبي حيان (2/ 579، 580)، والمساعد لابن عقيل (2/ 402).
ومذهب الكوفيين والأخفش، فقد أجازوا وصف النكرة بالمعرفة بشرط الفائدة؛ كأن تفيد مدحًا أو ذمًا، وذلك كقوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ}. انظر ارتشاف الضرب (2/ 580)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 266).
مذهب بعض النحويين وابن الطراوة: أجاز بعض النحاة وصف المعرفة بالنكرة، وشرط ابن الطراوة كون الوصف لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، وجعل منه: (البيت) ". المساعد (2/ 402). والمختار في ذلك مذهب الجمهور وجعل غيره مؤولًا لئلا يلتبس النعت بالحال ولا الحال بالنعت.