كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
ذكرنا في البيت السابق أن الحرف لا يعاد وحده، ولا يعاد إلا مع ما اتصل به أو بفاصل. فافهم (¬1).
الشاهد الخامس والأربعون بعد الثمانمائة (¬2)، (¬3)
لَا يُنْسِكَ الأَسَى تأَسِّيًا فَمَا ... مَا مِنْ حِمَامٍ أَحَدٌ مُعْتَصِمًا
أقول: قائله هو راجز من الرجاز لم أقف على اسمه، وهو من الرجز المسدس.
قوله: "الأسى" بفتح الهمزة والسين المهملة مقصورة وهو الحزن، قوله: "تأسًا" أراد به: الصبر والاقتداء بغيره من الصابرين، قوله: "من جمام" بكسر الحاء وتخفيف الميم، وهو الموت [فلا فائدة حينئذ للجزع] (¬4).
والمعنى: لا ينسك الحزن على مَن مات منك حسن التأسي بالصابرين؛ لأن أحدًا لا يعتصم عن الموت، فلا فائدة حينئذ للجزع وترك التأسي بالصابرين.
الإعراب:
قوله: "لا ينسك": جملة من الفعل والمفعول وهو الكاف، وقوله: "الأسى": فاعله، وقوله: "تأسيًا": مفعول ثان لينسك، قوله: "فما" الفاء للتعليل، وكلمة: "ما لا بمعنى ليس، وقوله: "أحد": اسمه، و"معتصمًا": خبره، و "ما" الثانية كررت للتأكيد، وقوله: "من حمام" جار ومجرور يتعلق بقوله: "معتصمًا".
الاستشهاد فيه:
[في قوله: "] (¬5) فما ما" فإنه كرر الحرف الواحد للتأكيد، ولكن فصل بينهما الوقف، والظاهر أنه جائز اختيارًا فافهم (¬6).
¬__________
(¬1) ينظر الشاهد رقم (838، 843).
(¬2) توضيح المقاصد (3/ 182)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬3) البيتان من بحر الرجز المشطور، لم ينسبا لقائل، وهما في الموعظة والتذكير بالموت، وانظرهما في شرح التسهيل (3/ 304)، وشرح الأشموني (3/ 83)، والدرر (2/ 161).
(¬4) و (¬5) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬6) ينظر الشواهد الأربع السابقة.