كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
لأنها لا تعمل فيها الرقى لخبثها فكأنها صماء فهي لا يمكن منها الجواب.
وقيل (¬1): الضمير في صمي يعود إلى الأذن؛ أي: صمي يا أذن لما فعلت يهود، ويهود قبيلة وصمام اسم للفعل مثل نزال، وليس بنداء، واللام في: "لما فعلت" تتعلق بصمي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "صمام" فإنه توكيد لفظي لقوله: "صمي"، وقد علم أن التوكيد اللفظي إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنى، فالأل كقوله: ادرجي ادرجي، والثاني مثل قوله: "صمام" فإنه تقوية لمعنى صمي. فافهم (¬2).
الشاهد الثامن والأربعون بعد الثمانمائة (¬3)، (¬4)
فَإيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاءَ فَإنَّهُ ... إلى الشرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جَالِبُ
أقول: هذا أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وهو من الطويل.
قوله: "إياك" تحذير، ومعناه: اتق، و"المراء" بكسر الميم وبالمد، هي المجادلة؛ من ماريتة مراء، [قوله: "] (¬5) دَعَّاء" على وزن فعال بالتشديد مبالغة داع.
الإعراب:
قوله: "فإياك" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وإياك: تحذير بمعنى اتق، وهي جملة من الفعل والفاعل، و "إياك" الثاني جميد، وقوله: "المراء": مفعوله، وقال أبو الحسن: "المراء" بمعنى أن تماري، أي: إياك مخافة أن تماري.
وقال ابن يعيش: والمراد: والمراء بحرف العطف، أو من المراء بحذف حرف الجر (¬6).
وسيبويه ينصب المراء بفعل غير الفعل الذي نصب إياك كأنه قال: إياك إياك اكتفى ثم قال
¬__________
(¬1) في (أ): ويقال.
(¬2) ينظر الشاهد (837).
(¬3) أوضح المسالك (3/ 336)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬4) البيت من بحر الطويل، ثاني بيتين للفضل بن عبد الرحمن القرشي، يقولهما لابنه القاسم بن الفضل، وأولهما قوله:
ومن هذا الذي يرجو الأباعد نفعه ... إذا هو لم يصلح عليه الأقارب
وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (1/ 279)، والمقتضب (3/ 213)، واللسان مادة: "أيا"، والمغني (679)، وشرح الأشموني (3/ 80)، وابن يعيش (2/ 25)، والخصائص (3/ 102)، ورصف المباني (216)، والخزانة (3/ 63).
(¬5) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬6) انظر شرح المفصل لابن يعيش (2/ 25).