كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
اتق المراء أو جانب المراء (¬1)، كأنه نهاه أولًا ثم أضمر قولًا كأنه قال: اتق اتق المراء يا فتى.
[والفاء في: "فإنه" للتعليل، والضمير المتصل به اسم إن، وخبره قوله: "دعاء"] (¬2)، وقوله: "إلى الشر": يتعلق بدعاء، قوله: "جالب": خبر بعد خبر، وقوله: "للشر": يتعلق به.
فإن قيل: كيف ذكر أحد الخبرين للمبالغة دون الآخر؟
قلت: دعاء بمعنى داع، وإنما ذكره على صيغة المبالغة لأجل الوزن، أو يكون هذا على أصله، ويكون "جالب" بمعنى: جلاب، ولكنه تركه للضرورة -أيضًا-.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فإياك إياك" حيث كرَّره مرتين للتأكيد، وقال أبو عثمان المازني: لما كرر "إياك" مرتين فكأن أحدهما عوض من الواو.
الشاهد التاسع والأربعون بعد الثمانمائة (¬3)، (¬4)
لَا لَا أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّهَا ... أَخَذَتْ عَلَيَّ مَوَاثقًا وعُهُودًا
أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الكامل.
قوله: "لا أبوح": من باح بسره إذا أظهره وأفشاه، و "بثنة" بفتح الباء الموحدة وسكون الثاء المثلثة وفتح النون وفي آخرها هاء؛ اسم محبوبته، والبثنة في اللغة: الأرض اللينة السهلة، قوله: "مواثقًا": جمع موثق بمعنى: الميثاق وهو العهد.
الإعراب:
قوله: "لا لا أبوح" كرر للتأكيد، و "أبوح": جملة من الفعل والفاعل، والباء في: "بحب بثنة" يتعلق به، وبثنة في محل جر بالإضافة، ومنعت من الصرف للعلمية والتأنيث.
قوله: "إنها" الضمير اسم إن، والجملة أعني قوله: "أخذت عليّ": خبرها، قوله: "مواثقًا": مفعول أخذت، و "عهودًا": عطف عليه.
¬__________
(¬1) ينظر: الكتاب لسيبويه (1/ 279).
(¬2) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬3) أوضح المسالك (3/ 338)، والبيت موضعه بياض في (أ).
(¬4) البيت من بحر الكامل، وهو في الغزل، لجميل بثينة في ديوانه (58)، شرح: اميل بديع يعقوب، ط. دار الكتاب العربي، وانظره في شرح التصريح (2/ 129)، وشرح الأشموني (3/ 84)، وهمع الهوامع للسيوطي (2/ 125)، والخزانة (5/ 159)، والدرر (6/ 47).