كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
الشاهد الرابع والسبعون بعد الثمانمائة (¬1)، (¬2)
وَقَدْ كَذَبَتْكَ نَفْسُكَ فَاكْذِبَنْهَا ... فَإِنْ جَزْعًا وَإنْ إِجْمَال صَبْرِ
أقول: قائله هو دريد بن الصمة، أنشده سيبويه في كتابه (¬3)، وهو من الوافر.
قوله: "كذبتك" بالتخفيف، قوله: "إجمال صبر": من أجمل يجمل إجمالًا إذا أحسن.
الإعراب:
قوله: "وقد" الواو للعطف إن تقدمه شيء، و "قد" للتحقيق، و "كذبتك": جملة من الفعل والمفعول، [و"نفسك: كلام إضافي فاعله، قوله: "فاكذبنها": جملة من الفعل والفاعل والمفعول] (¬4).
قوله: "فإن" في الموضعين ليست إن الشرطية؛ بل هي بمعنى: إما، والتقدير: فإما جزعًا وإما إجمال صبر، و "جزعًا" منصوب بفعل مضمر تقديره: فإما تجزع جزعًا، وكذلك التقدير في قوله: "إجمال" أي: وإما تجمل إجمال صبر.
وقال سيبويه: دخول الفاء منع أن تكون: "إن" جزاء؛ لأن الفاء إنما تكون للاستئناف، وتكون جوابًا لما قبلها فكيف يصير ما قبلها جوابًا لها على هذا (¬5)؟
وهذا الحكم إنما هو في الفاء وحدها، ولو كان بدل الفاء هاهنا واو لصلح أن يكون الجواب في: "وقد كذبتك نفسك"، وقد يجوز أن تجعل شرطًا وتحذف الجواب كقوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 35] فحذف الجواب، أي: فعلت، وكذلك البيت، أي: فإن تجزع جزعًا فعلت فحذف الجواب [وحذف الجواب] (¬6) قليل جدًّا، وحذف ما من إما قليل جدًّا] (¬7)، فعدل سيبويه عن حذف الجواب إلى حذف "ما" من "إما" لأنه أمثل قليلًا.
¬__________
(¬1) ابن الناظم (209)، وتوضيح المقاصد (3/ 219).
(¬2) البيت من بحر الوافر، وقد نسب في مراجعه إلى دريد بن الصمة، وهو في ديوانه (110) ط. دار المعارف، تحقيق: د. عمر عبد الرسول، وانظره في الكتاب لسيبويه (1/ 266)، (3/ 332)، والمقتضب (3/ 28)، وهع الهوامع للسيوطي (2/ 135)، والجنى الداني (212، 534)، وابن يعيش (8/ 101، 104)، ورصف المباني (102)، والخزانة (11/ 109، 110)، والدرر (102).
(¬3) ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 266)، (3/ 332).
(¬4) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬5) الكتاب لسيبويه (1/ 266، 267).
(¬6) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬7) ما بين المعقوفين سقط في (ب).