كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

قوله: "قد أقلعا" أي قد كفا عنه، يقال: أقلع عن كذا إذا كف عنه وامتنع، قوله: "رابي" اسم فاعل من ربا يربو ربوًا وهو النَّفَسُ العالي، يقال: ربا إذا أخذه الربو، وَرَبا الْفَرَسُ إذا انتفخ من عدو أو فزع، قال بشر بن أبي حازم (¬1):
كَأَنَّ حَفِيفَ منْخَرِه إِذَا مَا ... كَتَمنَ الرَّبْوَ كِيرٌ مُستَعار (¬2)
وهو من الوافر، والربو في الأصل الزيادة، ومنه: الربا لأن فيه فضلًا، وقال الفراء في قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحاقة: 10] أي: زائدة (¬3).
قوله: "تعتلها" من عَتَلَهُ إذا حمله حملًا عَنِيفًا، وقال ابن دريد: إذا جَذَبَهُ جَذْبًا عَنِيفًا (¬4)، وقال صاحب العين: إذا أخذ بتلبيبه فجرَّ وذهب به (¬5)، ومنه قوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ} [الدخان: 47].
قوله: "اقْتَحَمتَ بِهَا" من اقْتَحَمَ المنْزِلَ إِذَا هَجَمَهُ، و "أُسكفَّة" بضم الهمزة وتشديد الفاء؛ العتبة السفلى.
الإعراب:
قوله: "كلاهما" مبتدأ، وخبره قوله: "قد أقلعا" وهو العامل في قوله: حين جد الجري، و "الجري" بمعنى الجريان يجوز أن يكون مرفوعًا بقوله: "جد" الذي هو فعل ماض من جد يَجُد من باب نصر ينصر، ويجوز أن يكون مجرورًا بالإضافة على أن يكون الجد مصدرًا، والعامل [في] (¬6) بينهما هو قوله: "جَدَّ" في الحالتين.
قوله: "وكلا أنفيهما" كلام إضافي مبتدأ، وقوله: "رابي" خبره، والجملة حالية.
¬__________
= أو المبني للمفعول إلى الفاعل. ينظر علم البيان د / عبد العزيز عتيق (147) ط. دار النهضة العربية.
(¬1) هو بشر بن أبي حازم بن عمرو بن عوف شاعر جاهلي فحل، توفي قتيلًا نحو (22 ق. هـ). الأعلام (2/ 54).
(¬2) البيت المذكور من بحر الوافر، وهو في اللسان مادة: (ربا).
اللغة: الحفيف: سماع الصوت، الكبير: جهاز من جلد أو نحوه يستخدمه الحداد وغيره للنفخ في النَّار لإشعالها، والبيت لم يجئ لشاهد نحوي إنَّما جاء لبيان معنى قوله: (رابي) وهو بمعنى النَّفس العالي.
(¬3) معاني القرآن للفراء (3/ 181).
(¬4) جمهرة اللغة لابن دريد، مادة: (ت ع م)، ونصه: "وعَتَلت الرجل أعتِله وأعتُله عتلًا، إذا جذبته جذبًا عنيفًا".
(¬5) العين، مادة: "عتل".
(¬6) ما بين المعقوفين سقط في (ب): وزدته للإيضاح.

الصفحة 207