كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)

5 - على ما قام ......... ... ................. إلى آخره
ويروى: "ففيم تقول يشتمني لئيم"، قوله: "كخنزير" تعريض بكفره، أو بقبح منظره، فلذلك خص الخنزير، لأنه مسيخ قبيح المنظر سمج الخلق أكّال للعذرات، قوله: "تمرغ في رماد": تتميم لذمه لأنه يُدَلِّكُ خلْقَه بالشجر، ثم يأتي للطين والحمأة فيتلطخ بهما، وكلما تساقط منه عاد فيهما.
قال الجاحظ: والعين تكره الخنزير دون سائر المسوخ، لأن القرد وإن كان مسيخًا فهو مستملح، وأما الفيل فهو عجيب ظريف نبيل بهي، وإن كان سمجًا قبيحًا (¬1)، ويروى: "في دمان" موضع رماد.
قال أبو الحجاج؛ وقد غلط في هذا البيت قوم من منتحلي الأدب فروى بعضهم: في دمال، وبعضهم: في دمان، مكان "رماد" لما جهلوا ما يتصل به (¬2).
قوله: "أو نوك الفؤاد" بضم النون وسكون الواو وفي آخره كاف، وهو الحمق.
الإعراب:
قوله: "على ما قام" كلمة "على" هاهنا للتعليل؛ يعني: لأجل أي شيء يشتمني لئيم؛ كما في قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] أي: لهداية اللَّه إياكم.
وكلمة: "ما" استفهامية؛ لأن المعنى: لأي شيء كما ذكرنا، وقال ابن جني: لفظة: "قام" هاهنا زائدة، والتقدير: على ما يشتمني لئيم، وقال ابن يسعون: وليس كذلك عندي؛ لأنها تقتضي النهوض بالشتم والتشمير له والجد فيه.
وقوله: "يشتمني": جملة من الفعل والمفعول، وقوله: "لئيم" فاعله، قوله: "كخنزير" الكاف للتشبيه، وخنزير مجرور به، قوله: "تمرغ": جملة من [الفعل والفاعل] (¬3) في محل الجر؛ لأنها صفة لخنزير، وقوله: "في رماد" يتعلق بتمرغ.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "على ما قام" حيث أثبت ألف "ما" الاستفهامية المجرورة غير المركبة؛ لأجل الضرورة، ومن ذلك عد بعضهم قوله تعالى: {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِي} [يس: 27].
¬__________
(¬1) الحيوان للجاحظ (7/ 39)، هارون، بتصرف.
(¬2) السابق نفسه.
(¬3) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

الصفحة 2073