كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
قوله: "لا تحبسنا": من الحبس، وفي رواية الجوهري: لا تحبسانا، ثم قال: وربما خاطبتْ العربُ الواحد بلفظ الاثنين؛ كما قال سويد (¬1) بن كراع العكلي (¬2):
فإن تَزجُرَاني يا ابنَ عَفَّانَ أنزَجر ... وإن تدَعَاني أَحمِ عِرضَا ممنعًا
يعني: لا تحبسنا عن شيّ اللحم بأن تقلع أصول الشجر بل تأخذ ما تيسر من قضبانه وعيدانه وأسرع لنا في الشيّ، قوله: "واجدز" أصله: جزّ بالجيم والزاي المشددة؛ من جززت الصوف ونحوه، ثم نقل إلى باب الافتعال، فصار: اجتز، ثم قلبت التاء دالًا فصار: اجدز.
و"الشيح" بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة، وهو نبت مشهور يقال له بالفارسية: درمنه، وبالتركية: يوشان.
الإعراب:
قوله: "فقلت": جملة من الفعل والفاعل، و"لصاحبي": يتعلق بها، وقوله: "لا تحبسنا": مقول القول، قوله: "بنزع" يتعلق به، والضمير في: "أصوله" يرجع إلى الكلأ، قوله: "واجدز": أمر من جز يجز كما ذكرنا، وفاعله مستتر فيه، وقوله: "شيحَا" مفعوله.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "واجدز" فإن أصله: اجتز، فقلبت التاء دالًا؛ كما ذكرنا (¬3).
¬__________
(¬1) شاعر فارس مقدم من شعراء الدولة الأموية، وكان في آخر أيام جرير والفرزدق، وكان شاعرا محكمًا، وكان ذا رأي في بني عك.
(¬2) البيت من بحر الطويل، وقد نسبه الشارح لقائله، وهو في اللسان، والصحاح مادة: "جزز"، قال ابن منظور: "أَنشد ثعلب والكسائِي ليزيد بن الطثرِية (البيت) ويروى: واجدز، وذكر الجوهري أَن البيت ليزيد بن الِطثرية وذكره ابن سيده ولم ينسبه لأحد بل قال: وأنشد ثعلب قال ابن بري: ليس هو ليزيد وإنما هو لمُضَرِّسِ بن رِبعي الأسدي وقبله:
وفتيان شَوَيْتُ لهم شِواء .... سريعَ الشيِّ كنت به نجِيحَا
فَطِرتُ بِمُنصُلٍ في يَعمَلاتٍ ... دَوامي الأَيدِ يخبطنَ السريحَا".
(¬3) قال ابن عصفور: "وقد قلبت تاء افتعل دالًا بغير اطراد مع الجيم في: اجتمعوا، واجتز، فقالوا: اجدمعوا، واجدز والأكثر التاء، قال: (البيت) يريد: اجتمعوا واجتز، ولا يقاس على ذلك ... " الممتع (357).