كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 4)
لأن الأصل في تحريك اللسان أن يحرك بالكسر والفك؛ كما في قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19]، وبنو تميم يشددونه فلذلك قال جرير: فغض، بالتشديد (¬1).
الشاهد الثاني والثمانون بعد المائتين والألف (¬2)، (¬3)
الحَمدُ للهِ العليّ الأجْلَلِ .... الواسع الفضل الوهوب المجزِلِ
أقول: قائله هو أبو النجم العجلي، واسمه: الفضل بن قدامة، وبعده (¬4):
2 - أَعطَى فلَم يَبخَلْ ولَم يُبَخّلْ ... ...........................
وهو من الرجز المسدس.
قوله: "الوهوب": صيغة مبالغة في الواهب، و "المجزل" من أجزل إذا أعطى إعطاء كثيرًا الإعراب ظاهر.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "الأجلل" حيث فكَّ الإدغام فيه للضرورة مع أنه واجب في مثل هذا، ولهذا قال علماء المعاني: إن الفصاحة في المفرد: خلوصه من تنافر الحروف، والغرابة، ومخالفة القياس، ثم قالوا: ومخالفة القياس نحو:
الحَمْدُ لله العليّ الأجْلَلِ ... ..............................
والقياس: الأجل بالإدغام (¬5).
* * *
¬__________
(¬1) انظر ابن يعيش (9/ 128)، وذلك لكون الفعل فعل أمر جاز فيه لغتان: الإدغام وهو لغة تميم كما في قول جرير، والفك وهو لغة الحجازيين وبه نزل الفصيح من كتاب رب العالمين. ينظر أوضح المسالك (4/ 453)، والإدغام بين النحويين والقراء: د. عبد المعطي سالم (86).
(¬2) أوضح المسالك (4/ 456).
(¬3) البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما في ديوان أبي النجم بيت واحد هكذا:
الحمد لله الوهوب المجزل
وعلى ذلك فليس فيهما الشاهد، وقد بحثت عن كلمة الأجلل، وهي موضع الشاهد في القصيدة كلها على طولها (194 بيت) فلم أجدها، وانظر الديوان (175)، وانظر الشاهد في المقتضب (1/ 142، 253)، والمنصف (1/ 339)، والخصائص (3/ 89، 95)، ومعاهد التنصيص (1/ 7)، والتصريح (2/ 403).
(¬4) ديوان أبي النجم العجلي (175)، الرياض، علاء أغا.
(¬5) فك الإدغام في: "الأجلل" لضرورة الشعر، والقياس أن يأتي الأجل مدغمًا ينظر: حاشية الصبان (4/ 349) والتصريح (2/ 403)، وشرح شواهد الشافية (591)، والمنصف (1/ 339).