كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)
ترى الندَى ومخلدًا حليفين ... كانا معًا في مَهدِهِ رَضِيعَينِ (¬1)
تنازَعَا فيهِ لِبَانَ الثدْيَينِ ... ...................................
واللبان بالفتح: الصدر، وبالضم: هو الحاجة.
الإعراب:
قوله: "فإن لا يكنها" الفاء فيه تفسيرية، تفسر معنى الشطر الثاني من البيت الذي قبله (¬2) و "إن" للشرط، وقوله: "لايكنها" فعل الشرط، وقوله: "فإنه أخوها" جواب الشرط واسم يكن مضمر فيه يرجع إلى قوله: "أخاها" في البيت السابق، وخبره: الضمير المتصل به.
والمعنى: فإن لا يكن النبيذ الخمر بعينها فإنه أخوها؛ لأنه يعمل عملها، وكلاهما من أصل واحد؛ حيث قال: غذته أمه بلبانها.
قوله: "أو تكنه" عطف على قوله: "لا يكنها" أي: ولا يكنه، أي: ولا يكن الخمر النبيذ فاسم لا يكن هو الضمير المستتر فيه الذي يرجع إلى الخمر، وخبره الضمير المتصل به الذي يرجع إلى النبيذ.
قوله: "فإنه" جواب الشرط؛ كما ذكرنا، و "إن" حرف من الحروف المشبهة بالفعل، والضمير المتصل بها اسمها، وقوله: "أخوها" خبرها، أي: فإن النبيذ أخو الخمر، قوله: "غذقه أمه" جملة من الفعل والمفعول والفاعل وهو قوله: "أمه" أي: غذته النبيذ أمه بلبان الخمر، والجملة في محل الرفع على أنها خبر بعد خبر، ويجوز أن تكون حالًا من الهاء في "أخوها"، والعامل فيها: إن (¬3).
قال سيبويه في قولهم: مررت بزيد قائمًا، إن العامل في الحال الباء في: بزيد، واحتج بأنه لا يجوز تقديم قائم على الباء هنا، فلا يقال: مررت قائمًا بزيد؛ لأن الحال لا يتقدم على عاملها فافهم (¬4).
¬__________
(¬1) من بحر الرجز، ينظر الخزانة (5/ 332)، وليس في ديوان الكميت.
(¬2) وهو قوله:
دعِ الخمْرَ يشربهَا الغُوَاةُ فإننِي ... رَأَيتُ أَخَاهَا مُغنِيًا بمكانهَا
(¬3) هي العيني جواز أن تكون الحروف هي العاملة بنفسها في الحال، وقد استدل على ذلك بقول سيبويه، فقال في فرائد القلائد: "قوله: (غذته أمه) أي غذته النبيذ أمه بلبان الخمر، وهي جملة في محل الرفع على أنها خبر بعد خبر، ويجوز أن تكون حالًا من الهاء في (أخوها). (34)، وينظر الخزانة (5/ 332)، والكتاب لسيبويه (2/ 124).
(¬4) قال سيبويه: " ... ومن ثم صار: مررت قائما برجل لا يجوز؛ لأنه صار قبل العامل في الاسم وليس بفعل، والعامل الباء، ولو حسن هذا لحسن: قائمًا هذا رجل". الكتاب لسيبويه (2/ 124).