كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)
الإعراب:
قوله: "كمنية جابر": كلام إضافي في محل النصب على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: تمنى مزيد تمنيًّا كتمني جابر، قوله: "إذ" ظرف بمعنى حين، والعامل فيه المصدر، والضمير في (قال): يرجع إلى جابر، قوله: "ليتي أصادفه" مقول القول، واسم ليت مضمر متصل، وخبرها قوله: "أصادفه"، قوله: "وأفقد بعض مالي" بالرفع: جملة فعلية عطف على أصادفه؛ كذا قيل، وفيه نظر؛ لأنه يلزم أن يكون فقد بعض ماله متمنيًا، وليس كذلك، والصحيح أنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقدوره: وأنا أفقد بعض مالي، وتكون الواو للحال، وبعض منصوب بـ "أفقد" (¬1).
ويقال: وأفقد منصوب؛ لأنه جواب التمني؛ كما في قوله تعالى: {يَاليْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] (¬2).
قلت: هذا لا يتمشى إلا إذا قرئ بالفاء: فأفقد (¬3)، ولكن يجوز نصبه بإضمار أن تقديره: ليتني أصادفه وأن أفقد بعض مالي (¬4).
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ليتي" حيث جاءت مضافة إلى ياء المتكلم بدون نون الوقاية، وذلك لأجل الضرورة (¬5).
الشاهد التاسع والستون (¬6)، (¬7)
فَقُلْتُ أَعِيرَانِي القَدُومَ لَعَلَّنِي ... أَخُطُّ بِهَا قَبْرًا لِأَبْيَضَ مَاجِدِ
أقول: لم أقف على اسم قائله.
¬__________
(¬1) عارضه البغدادي قائلًا: "لا مانع على الوجه الأول من جعل الواو للمعية ... ". الخزانة (5/ 378).
(¬2) قائله بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفضل عن صدر الأفاضل، قال البغدادي: "قال صدر الأفاضل: وأفقد بالنصب كما لو كان مكان الواو والفاء كأَنه قال: ليتني أصادف زيدًا وأن أفقد بعض مالي، أو يجتمع هذا مع فقدان بعض المال". الخزانة (5/ 378).
(¬3) عارضه البغدادي قائلًا: "كأنه لم يطرق أذنه أن المضارع ينصب بإضمار أن بعد واو المعية كما ينصب بعد فاء السببية في جواب أحد الأشياء الثمانية". الخزانة (5/ 378).
(¬4) علق البغدادي على قول العيني قائلًا: "كأن هذا الإضمار عنده من القسم السماعي الذي لم يطرد". الخزانة (2/ 448).
(¬5) قال سيبويه: "وقد قالت الشعراء: ليتي إذا اضطروا، كأنهم شبهوه بالاسم حيث قالوا: الضاربي، والمضمر منصوب قال زيد الخيل: ( ... البيت) ينظر الكتاب (2/ 370)، والخزانة (5/ 378).
(¬6) ابن الناظم (26). وشرح ابن عقيل على الألفية (1/ 113).
(¬7) البيت من بحر الطويل، مجهول القائل، وهو في همع الهوامع (1/ 64)، وتخليص الشواهد (105)، والدرر=