كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الاستشهاد فيه (¬1):
في قوله: "قطني" حيث استعمله بنون الوقاية، وإنما جعلت النون ليسلم السكون الذي بني الاسم عليه، وهذه النون لا تدخل الأسماء، وإنما تدخل الفعل الماضي إذا دخلته ياء المتكلم كقولك: ضرَبَنِي وكَلَّمَني لتسلم الفتحة التي بني عليها الفعل (¬2)، ولتكن وقاية للفعل من الجر، وإنما أدخلوها في الأسماء مخصوصة نحو: قدني وقطني وعني ومني ولدُني، ولا يقاس عليها ولو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا: قطنك. وهذا غير معلوم، وفيه استشهاد آخر وهو نِشْبة القول إلى ما لا نطق له؛ لأن الحوض لا ينْطق، فافهم (¬3).

الشاهد الرابع والسبعون (¬4) , (¬5)
يُمَلُّ النَّدَامَى مَا عَدَاني فَإنَّنِي ... بِكُلِّ الَّذِي يَهْوَى نَدِيِمي مُوْلَعُ
أقول: احتج به جماعة من النحاة في كتبهم، ولم يعزوه إلى أحد، وهو من الطويل.
قوله: "الندامى": جمع ندمان، وهو شريب الرجل (¬6) الذي ينادمُه، ويقال له النديم أيضًا.
قوله: "يهوى" أي: يُريد مِن: هَويَ يَهْوَى، من باب علم يَعْلَم، قوله: "مولَع بفتح اللام، من أولع به، وثلاثيه: ولع، يقال: ولعت بالشيء أولع ولعًا ووَلوعًا بفتح الواو في المصدر والاسم جميعًا، وأولعته بالشيء وأولع به فهو مولَع به بفتح اللام، أي: مغرى به.
الإعراب:
قوله: "الندامى" فاعل يمل، قوله: "ما عداني" عدا ها هنا فعل للاستثناء، وكلمة "ما" مصدرية. وفاعل "عدا" ضمير مستتر واجب الاستتار عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها،
¬__________
(¬1) قال سيبويه: "سألته -رحمه الله- عن الضاربي فقال: هذا اسم ويدخله الجر، وإنما قالوا في الفعل ضربني ويضربني، كراهية أن يدخلوا الكسرة في هذه الباء كما تدخل الأساء فمنعوا هذا أن يدخله كما منع الجر". الكتاب (2/ 369)، وينظر الخزانة (5/ 381).
(¬2) في (أ): التي بني الفعل عليها.
(¬3) قال ابن مالك: "وقد شاع إطلاق القول على ما لا يطق عليه كلام .. كما قال أن الحال المعبر عنه بالقول ليس كلامًا". شرح التسهيل (1/ 5، 6).
(¬4) أوضح المسالك (1/ 77)، وروايته في شرح التسهيل (2/ 307).
تمل الندامى ما عداني لأنني ... .................................
(¬5) البيت من بحر الطويل، وهو لقائل مجهول، وانظره في: التصريح (1/ 364)، والهمع (1/ 233)، والأشموني (2/ 126)، وشرح شذور الذهب (339)، والدرر (3/ 179).
(¬6) في جميع النسخ: شريب الرجل، والصحيح أنه: شريك الرجل.

الصفحة 331