كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

والتقدير: يمل الندامى مللًا ما عداني، يعني: مجاوزًا إلى غيري.
والمعنى في الحقيقة: جانبت أنا مللهم، قوله: "فإنني" الفاء تفسيريةٌ، واسمُ إن الضمير المتصل به، وخبره قوله: "مولع"، والتقدير: فإنني مولعٌ بكل الذي يهوى نديمي، والباء تتعلق بمولع.
قوله: "نديمي": كلام إضافي فاعل يهوى، ومفعوله محذوف تقديره: الذي يهواه.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ما عداني" حيث أدخل نون الوقاية فيه على تقدير كونه فعلًا نحو: دعاني، ويكرمني، وأعطي.

الشاهد الخامس والسبعون (¬1) , (¬2)
فَيَا لَيْتِي إذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ ... ولجْتُ وكنتُ أوّلَهُمْ ولُوُجَا
أقول: قائله هو ورقة بن نوفل بن عبد العزى بن قصي القرشي بن عم خديجة - رضي اللَّه تعالى عنها - وهو الذي أخبر خديجة -[رضي الله تعالى عنها] (¬3) - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيُّ هذه الأمة لما أخبرته بما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أوحي إليه، وخبره معه مشهور (¬4).
وهو من قصيدة جيمية، قالها ورقة بن نوفل لما ذكرت له خديجة عن غلامها ميسرة (¬5) ما رأى من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في سفره، وما قاله بحيرى الراهبُ (¬6) في شأنه (¬7)، وأوّلُها هو قوله (¬8):
1 - لجَجْتُ وكنتُ في الذكرى لجُوجَا ... لِهَمٍّ طَالمَا بَعَثَ النَّشِيجَا
¬__________
(¬1) أوضح المسالك لابن هشام (1/ 80).
(¬2) البيت من بحر الطويل لورقة بن نوفل، وهو في التصريح (1/ 111)، وتخليص الشواهد (100).
(¬3) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬4) ينظر الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري المعروف بعز الدين (1/ 569) تحقيق أبي الفداء عبد اللَّه القاضي ط. دار الكتب العلمية، أولى (1987 م)، وسيرة ابن هشام (1/ 169) وما بعدها تعليق طه عبد الرءوف سعد، ط. دار الجيل (1/ 175) ط مكتبة الكليات الأزهرية.
(¬5) هو ميسرة غلام خديجة كان رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في تجارة خديجة، وحكى بعض أدلة نبوته، ولم تذكر وفاته. الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 149).
(¬6) هو بحيرى الراهب، قيل: من يهود تيماء، وقيل: كان نصرانيًّا من عبد القيس، كان يعلم بعلامات النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومات مؤمنًا. الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 183، 184).
(¬7) ينظر الكامل في التاريخ لابن الأثير (1/ 569)، والخصائص الكبرى للسيوطي (1/ 141) وما بعدها، دار الكتب العلمية، أولى (1985 م).
(¬8) الأبيات في سيرة ابن هشام (1/ 175، 176) ط مكتبة الكليات الأزهرية.

الصفحة 332