كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

قوله: "مات هزلًا" جملة وقعت صفة لـ "جوادا"، و "هزلًا" نصب على التمييز بفتح الهاء من هزل الرجل هزلًا إذا افتقر. قوله: "لعلني" اسم لعل هو الضمير المتصل به، وخبره قوله: "أرى ما ترين"، و "ما" موصولة، و "ترين" صلتها، والموصول مع صلته في محل النصب على أنها مفعول أرى، وهو في الموضعين من رؤية البصر؛ فلذلك اقتصر على مفعول واحد، ومفعول ترى (¬1) محذوف، وهو العائد إلى الموصول تقديره: ما ترينه.
قوله: "أو بخيلًا" عطف على قوله: "جوادًا" أي: أريني بخيلًا مخلدًا في الدنيا بسبب إمساكه ماله، والحاصل أن إنفاق المال لا يميت الكريم هزلًا ولا إمساكه يخلد البخيل في الدنيا.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "لعلني" حيث جاءت فيه عند الإضافة إلى ياء المتكلم نون الوقاية، والأكثر فيه ترك النون كما في قوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: 36] (¬2).

الشاهد السابع والسبعون (¬3)، (¬4)
وَإِنِّي عَلَى لَيْلَى لزارٍ وإنَّنِي ... عَلَى ذَاكَ فِيمَا بَيْنَنَا مُسْتَدِيمُهَا
أقول: قائله هو المجنون، واسمه قيس بن معاذ، وقيل: مهدي، والصحيح: قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدي بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومن الدليل على أن اسمه قيس، قول ليلى صاحبته (¬5):
أَلا ليتَ شِعْرِي والخُطُوبُ كَثيِرَةٌ ... مَتَى رَحْلُ قَيْسٍ مُسْتَقِلّ فَرَاجِعُ
وعن أبي سعيد السكري قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع عن المدائني (¬6) قال: قال: المجنون
¬__________
(¬1) في (أ): ترين.
(¬2) قال المرادي: "الحذف مع لعل هو الكثير، ولم يأت في القرآن إلا كذلك، وإثبات النون معها نادر". توضيح المقاصد (1/ 153).
(¬3) أوضح المسالك لابن هشام (1/ 82).
(¬4) البيت من بحر الطويل، من قصيدة لمجنون ليلى، وهو بيت مفرد في الديوان (175) ط. دار الكتاب العربي, والبيت في التصريح (1/ 112)، واللسان مادة: "دوم".
(¬5) من الطويل لليلى صاحبة قيس بن الملوح في قصة ذكرها صاحب الأغاني في ديوان قيس (286). اللغة: الخطوب جمع خطب وهي الشدائد، مستقل: ذاهب، والبيت غير مستشهد به نحويًّا، وإنما أورده لبيان أن المجنون اسمه قيس.
(¬6) علي بن عبد الله أبو الحسن المدائني، راوية مؤرخ كثير التصانيف (ت 225 هـ). ينظر الأعلام (4/ 323).

الصفحة 338