كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الشاهد الرابع بعد المائة (¬1) , (¬2)
أسِرْبَ القطَا هَلْ مَن يُعيرُ جناحه ... .............................
أقول: قائله هو العباس بنُ الأحنف، ويقال: مجنون بني عامر، والأول أشهر، وأنشده أبو العباس أحمد بن يحيى الملقب بثعلب [رحمه اللَّه تعالى] (¬3) وهو من قصيدة من الطويل، وأولها هو قوله:
1 - بَكِيتُ إلى سِرْبِ القَطَا إذْ مَرَرْنَ بِي ... فَقُلْتُ وَمِثْلِي بِالبُكَاءِ جَدِيرُ
2 - أَسِرْبَ القَطَا هَل مَنْ يُعيرُ جَنَاحَهُ ... لَعَلِّي إِلَى مَنْ قَدْ هَويتُ أَطِيرُ
3 - فَجَاوَبْنَنِي مِنْ فَوْقِ غُصْنِ أَرَاكَةٍ ... أَلا كُلُّنَا يَا مُسْتَعِيرُ مُعِيرُ
4 - فَأَيُّ قَطَاةٍ لَمْ تُعِرْكَ جَنَاحَهَا ... فَعَاشَتْ بِذُلٍّ والجَنَاحُ كَسِيرُ
2 - قوله: "أسرب القطا" بكسر السين المهملة وسكون الراء، وفي آخره باء موحدة، وهي الجماعة من القطا، يعني: القطيع منها، ويقال لقطيع الظباء أيضًا: سرب، وكذا الشاء والبقر والحُمُر، والجماعة من النساء، وقال ابن الأعرابي: يقع على الماشية كلِّها (¬4)، ومثله: السربة، والعوام يقولونها بالصاد، و"القطا": جمع قطاة، وهي طائر معروف.
1 - قوله: "جدير" أي: لائق وحقيق.
2 - قوله: "هويت" أي أحببت من هوي يهوَى، من باب علم يعلم، ومصدره هوى.
4 - قوله: "فعاشت بذل"، ويروى: فعادت ببؤس.
الإعراب:
قوله: "بكيت": جملة من الفعل والفاعل، قوله: "إلى سرب القطا" يجوز أن تكون "إلى" ها هنا بمعنى: عند، يعني: بكيت عند جماعة سرب القطا حين مررن بي؛ كما في قول الشاعر (¬5):
....................... وذِكْرُهُ ... أَشْهَى إِلَيَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
¬__________
(¬1) ابن الناظم (33)، وأوضح المسالك لابن هشام (1/ 105)، وشرح ابن عقيل على الألفية (1/ 148).
(¬2) البيت من بحر الطويل لمجنون ليلى، ديوانه (87)، د. يوسف فرحات. كما نسب للعباس بن الأحنف وهو في ديوانه (168)، وهو في التصريح (1/ 133)، وحاشية الصبان (1/ 151)، والدرر (1/ 300).
(¬3) لم نجده في مجالس ثعلب.
(¬4) اللسان، مادة: "سرب".
(¬5) البيت من الكامل، وهو من قصيدة طويلة لأبي كبير الهذلي، تشتمل على عدة شواهد نحوية، ديوان الهذليين (2/ 88) والبيت المذكور ثاني أبياتها، وتمامه:
أم لا سبيل إلى الشباب وَذكره ... أشهى إلي من الرحيق السلسل
وهو شاهد على مجيء "إلى" بمعنى "عند". ينظر المغني (1/ 75)، وشرح شواهده (226).

الصفحة 396