كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الشاهد الثامن بعد المائة (¬1)، (¬2)
فإن الماءَ ماءُ أَبي وَجَدِّي ... وبئْرِي ذُو حَفَرْتُ وَذُو طَوَيْتُ
أقول: قائله هو سنان بن الفحل أخو بني أم الكهف من طيئ (¬3)، وهو من قصيدة، وأولها هو قوله:
1 - وَقَالُوا قَدْ جُنِتتَ فَقُلْتُ كَلَّا ... وَرَبِي مَا جُينْتُ وَلا انْتَشَيتُ
2 - ولكني ظُلِمْتُ فَكِدْتُ أَبْكِي ... مِنَ الظُلْمِ المبُيِن أَوْ بَكيتُ
3 - فإن الماء ............... ... ...................... إلخ
4 - وقبلك رُبّ خَصْم قد تَمَالوْا ... عَلَيَّ فَمَا هَلِعْتُ وَلا ذُعِرْتُ
5 - وَلَكني نَصَبْتُ لهم جَبِيني ... وألّةَ فارسٍ حتى قَرَيتُ
وهي من الوافر، وفيه العصب بالمهملتين، والقطف.
1 - قوله: "قد جننت" على صيغة المجهول، من الجنون، وكان الواجب أن يقول (¬4): وقالوا: قد جننت أو سكرت، ولكنه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر؛ لأن النفي الذي يتعقب الجواب ينظمهما (¬5)، وذلك كما في قول الشاعر (¬6):
فَمَا أَدْرِي إذا يَممتَ أَرْضًا ... أُرِيدَ الخيرَ أَيُّهُمَا يَليني
قوله: "كلا": للردع والزجر (¬7)، والمعنى: ليس الأمر كذلك فارتدع، قوله: "ولا انتشيت" أي: ولا سكرت؛ من النَّشْوَةِ وهو السكر، ومنه يقال للسكران: نشوان.
2 - قوله: "ظلمت" على صيغة المجهول، وَذَكرَ البُكاء ليرى أنفته وإنكارهُ لما أريد ظلمه فيه.
¬__________
(¬1) ابن الناظم (34)، وتوضيح المقاصد للمرادي (1/ 229)، وأوضح المسالك لابن هشام (1/ 110).
(¬2) البيت من بحر الوافر، وهو من مقطوعة لسنان الفحل في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (2/ 590)، وهي أيضًا في الخزانة (6/ 35)، والشاهد في: ابن يعش (3/ 147)، والتصريح (1/ 137).
(¬3) قال صاحب الخزانة (6/ 40) "سنان بكسر السين: شاعر إسلامي في الدولة المروانية".
(¬4) في (ب): أن يقال.
(¬5) هو قول المرزوقي. ينظر الخزانة (2/ 512).
(¬6) البيت من بحر الوافر، وهو للمثقب العبدي، من قصيدة طويلة في المفضليات، مفضلية رقم (76)، والبيت المذكور آخرها، وليس بعده إلا قوله:
أألخير الذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هو يبتغيني
والمعنى: أريد الخير وأتجنب الشر؛ بدليل ذكر ما بعده، وانظر تفصيل ذلك في: الخزانة (6/ 36، 37)، وشرح الحماسة (2/ 519).
(¬7) ينظر المغني (1/ 188).

الصفحة 402