كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

5 - قوله: "نصبت لهم جبيني" أراد خاصمتهم باللسان، ثم بلغنا إلى الرماح، وهو معنى قوله: "وألّة فارس" الألّة بفتح الهمزة وتشديد اللام؛ من ألّه يؤله ألًّا وألّةً إذا طعنه بالحربة، قال: فطاعنتهم فغلبتهم (¬1) "حتى قريت" الماء في الحوض؛ أي جمعته فيه، واسم ذلك الماء قِرَى بكسر القاف مقصور.
الإعراب:
قوله: "فإن الماء" الفاء فيه للتعليل، والماء: اسم إن، و "ماء أبي": كلام إضافي خبره، قوله: "وجدي" عطف على قوله: أبي، أي: وماء جدي، قوله: "وبئري" مبتدأ، وخبره قوله: "ذو حفرت" أي: التي حفرت، قوله: "حفرت" صلة الموصول، والعائد محذوف أي: [ذو] (¬2) حفرتها وطويتها.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "ذو حفرت" فإنه أطلق "ذو" على المؤنث وهي البئر (¬3)، وزعم ابن عصفور أن "ذو" خاصة بالمذكر، وأن "ذات" خاصة بالمؤنث، وأن البئر في البيت ذكرت على معنى القليب (¬4) كما قال الفارسي (¬5) [في قوله] (¬6):
1 - يَا بئرنا بِئْرَ بَنِي عَدِي ... لأَنْزِحَنْ قَعْرَكِ بالدَلِيَ
2 - حَتَّى تَعُودِي أَقْطَع الوَلِيّ ... .........................
التقدير: حتى تعودي قليبًا أقطع، فحذف الموصوف، وفرَّق ابن الضائغ (¬7) بينهما بأن أقطع صفة فيحمل على الفعل بخلاف "ذو" وقال: ألا ترى من قال: نفع الموعظة [لا يقول مشيرًا إليها: هذا الموعظة] (¬8)، ولهذا قال الخليل في: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]: إنه إشارة
¬__________
(¬1) في (أ): وغلبتهم.
(¬2) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬3) ينظر توضيح المقاصد للمرادي (1/ 227، 228)، وأوضح المسالك لابن هشام (1/ 110).
(¬4) انظر نصه في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 120) (إميل بديع)، وشرح المقرب (1/ 202)، وانظر رد ابن مالك على ابن عصفور في شرح التسهيل (1/ 199).
(¬5) انظر التكملة لأبي علي الفارسي (169)، رسالة ماجستير، بجامعة القاهرة.
(¬6) الأبيات من بحر الرجز المشطور، غير مسندة في مراجعها، وهي في الإنصاف (509)، واللسان: "طوى"، وابن الشجري (1/ 158).
(¬7) هو محمد بن عبد الرحمن بن علي شمس الدين، ولد (710 هـ)، صنَّف الألفية والتذكرة وغيرهما (ت 776 هـ). ينظر البغية (1/ 155، 156).
(¬8) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

الصفحة 404