كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الشاهد العاشر بعد المائة (¬1)، (¬2)
ألا تَسْأَلانِ المَرءَ مَاذَا يُحَاولُ ... أَنَحْبٌ فَيقضَى أم ضَلالٌ وبَاطِلُ
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وهو من قصيدة لامية من الطويل ذكرناها في أول الكتاب مع ترجمة لبيد (¬3).
قوله: "ألا" كلمة للتنبيه، نبه بها السامع على شيء يأتي، وقيل: تدل على تحقق ما بعدها قوله: "تسألان" خطاب للاثنين، وأراد به الواحد؛ لأن من عادة العرب أن يخاطبوا الواحد بصيغة الاثنين؛ كما في قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} (¬4) [ق: 24] وكأنهم يريدون بها التكرار وللتأكيد فكأن المعنى: ألا تسأل تسأل.
قوله: "ماذا يحاول" أي: أي شيء يطلب، قال الجوهري: حاولت الشيء إذا أردته (¬5) قوله: "أنحب" النحب بفتح النون وسكون الحاء المهملة وفي آخره باء موحدة؛ وهو النذر.
تقول: منه نحبت أنحب بالضم.
المعنى: هلا تسأل المرء ماذا يطلب باجتهاده في الدنيا وتتبعه إياها. أنذر أوجب على نفسه أن لا ينفك عن طلبه فهو يسعى في قضائه أم هو في ضلال وباطل؟
الإعراب:
قوله: "تسألان": جملة من الفعل والفاعل، و "المرء" مفعوله، وكلمة "ما" استفهام معلقة لفعل السؤال، إجراءً له مجرى مسببه وهو العلم (¬6)، مثله قوله تعالى: {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12] وهو مبتدأ، و "ذا": خبرها، ويجوز العكس على الخلاف، و "ذا" موصول، و "يحاول": صلته، والعائد محذوف، والتقدير: ما الشيء الذي يحاوله؟
قوله: "أنحب" بدل من قوله: "ماذا يحاول"؛ بدل تفصيل (¬7)، ويجوز انتصاب: أنحب
¬__________
= في الإفراد والتذكير وفروعهما". ينظر (34).
(¬1) ابن الناظم (35)، وأوضح المسالك لابن هشام (1/ 113).
(¬2) البيت من بحر الطويل، وهو للبيد في ديوانه (131) ط. دار صادر، وهو في الخزانة (6/ 45)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 139)، والكتاب (1/ 405)، وابن يعيش (3/ 149)، واللسان مادة: "ذو"، وابن الشجري (2/ 117، 305).
(¬3) ينظر الشاهد رقم (1) من هذا الكتاب.
(¬4) وتمامها: {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24].
(¬5) الصحاح للجوهري، مادة: "حول".
(¬6) ينظر الشاهد رقم (13).
(¬7) في شرح التسهيل لابن مالك: "لو قصد بـ"ذا" الإشارة لكان: "ماذا" "ومن ذا" مبتدأ وخبرًا، واستغني عن جواب =

الصفحة 406