كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

للإشباع، قوله: "فمن" استفهامية، و "ذا": موصولة، و "يعزي الحزينا": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، صلة الموصول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فمن ذا" فإنها موصولة؛ لأنه تقدمها "من" الاستفهامية، وهذا فيه خلاف فإن بعضهم قال (¬1): لا يجوز وقوع "ذا" الموصولة بعد "من"، والأصح عند الجمهور وقوع ذلك وجوازه (¬2).

الشاهد الثاني عشر بعد المائة (¬3)، (¬4)
عَدَسْ مَا لِعَبادٍ عَلَيكِ إِمَارَةٌ ... أَمِنْتِ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
أقول: قائله هو يزيد بن مُفَرَّغ الحِمْيَرِيّ (¬5) بضم الميم وفتح الفاء وتشديد الراء المكسورة وفي آخره غين معجمة، وإنما سمي بذلك؛ لأنه راهن على شرب سقاء كبير ففرغه، وهو من قصيدة قافية وأولها هو هذا البيت وبعده:
2 - وإن الذي نَجَى مِنَ الكَرْبِ بَعْدَمَا ... تَلاحَمَ فيِ دَرْب عَلَيكِ مَضِيقُ
3 - أتاكِ بحمحامٍ فأنْجَاكِ فالحقي ... بأرضك لا تَحبس عليك طَريقُ
4 - لعمري لقد أنجاك من هُوَّةِ الرَّدى ... إمام وحبل للأنَامِ وثِيقُ
5 - سأشكر ما أَوْلَيتَ من حسن نِعْمة ... ومثلي بِشُكْرِ المنعِمِينَ حَقيقُ
¬__________
(¬1) في (أ): قالوا.
(¬2) قال به سيبويه (2/ 416): "هذا باب إجرائهم (ذا) بمنزلة الذي ويكون (ما) حرف الاستفهام، وإجرائهم إياه مع (ما) بمنزلة اسم واحد"، وتوضيح المقاصد للمرادي (1/ 232، 233)، وأما الكوفيون فلا يشترطون تقدم (ما و (من) الاستفهاميتين. ينظر أوضح المسالك لابن هشام (1/ 161، 162).
(¬3) ابن الناظم (34).
(¬4) البيت مطلع قصيدة من ثمانية أبيات ليزيد بن مفرغ الحميري، قالها يذكر خلاصه من السجن الذي بلاه به عبد بن زياد بن أبيه، وقد ذكر الشارح خمسة منها غير بيت الشاهد، وبيت الشاهد والقصيدة في كثير من كتب الأدب والنحو، ينظر الخزانة (6/ 43)، والحماسة البصرية (1/ 87).
(¬5) يزيد بن زياد بن ضبة بن يزيد بن مقسم الثقفي، وضبة أمه، من أهل الطائف، تولى العراق ثم خرسان لما أفضت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك، ثم نقل إلى إمارة البصرة، فأقام فيها إلى أن استخلف عمر بن عبد العزيز، فعزله وحبسه بحلب، وأخباره كثيرة، وهو شاعر كبير، وقد عني الفرزدق بقوله:
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرقاب نواكس الأبصار
وقتل سنة (130 هـ). ينظر الأعلام (8/ 189) ووفيات الأعيان (2/ 264)، والخزانة (4/ 325).

الصفحة 408