كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

وقيل: يجوز أن تكون "ما" هي المهيئة لدخول "رب" على الجملة (¬1).
قلتُ: يلزمه في ذلك حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه؛ إذ التقدير حينئذ: رب تكره النفوس شيئًا من الأمر.
وقال النحاس في شرح أبيات سيبويه (¬2): ويجوز أن تكون "ما" في [هذا] (¬3) البيت فاصلة، قوله: "من الأمر" صفة أخرى بعد صفة، قوله: "له فرجة": جملة ابتدائية، صفة أخرى -أيضًا-، والضمير في: "له" يرجع إلى "ما"، أي: لهذا الشيء المكروه انفراج.
الاستشهاد فيه:
على وقوع "ما" موصوفة بمعنى شيء في قوله: "ربما تكره النفوس" (¬4)، وقال صاحب الإقليد: "ما" حقها أن تكتب مفصولة؛ لأن "ما" اسم نكرة موصوفة لا زائدة؛ كما في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 159] (¬5)، "وما" ها هنا ليست بموصولة؛ لأن الموصول معرفة، و "رب" لا تدخل إلا على النكرات (¬6).

الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائة (¬7) , (¬8)
وَكَفَى بِنَا شَرَفًا عَلَى مَنْ غَيرنَا ... حُبُّ النَّبِي مُحَمَّدٍ إِيَّانَا
أقول: قائله هو حسان بن ثابت شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقال: قائله هو بشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ويقال: الأصح أنه لكعب بن مالك الأنصاري الخزرجي (¬9)، اختلفوا في
¬__________
(¬1) وحينئذ تكون "ما" الكافة عن عمل رب فيما بعد.
(¬2) انظر الكتاب المذكور (220)، تحقيق: د. وهبة متولي، ونصه: "هذا البيت حجة بأن ما نكرة، ولولا ذلك لم تقع رب عليها، وكأنه أراد: رب شيء تكرهه النفرس، والشيء نكرة".
(¬3) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬4) وهي نكرة موصوفة مجردة عن معنى الحرف. المغني (296، 297).
(¬5) وتمامها: {لِنْتَ لَهُمْ ........... } [آل عمران: 159].
(¬6) قال سيبويه: "ورب لا يكون ما بعدها إلا نكرة" ثم ذكر بيت الشاهد. الكتاب لسيبويه (2/ 108، 109)، وينظر المغني (136)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 28)، وشرح الأشموني (1/ 154).
(¬7) توضيح المقاصد (1/ 222) وروايته فيه:
فكفى بنا فضلًا .......... ... ..................................
(¬8) البيت من بحر الطويل، وليس في ديوان حسان في كثير من طبعات ديوانه (دار المعارف، ودار الكتب العلمية) وبيت الشاهد في: الكتاب لسيبويه (2/ 105)، والخزانة (2/ 545)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 92)، والمقرب (1/ 203)، وشرح شواهد المغني (337)، وسر الصناعة (135)، والمغني (328، 329، 109) وابن يعيش: هامش (4/ 12).
(¬9) ديوانه (189).

الصفحة 452