كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

شهوده بدرًا، والصحيح أنه لم يشهدها، وهو أحد الثلاثة الذين: {خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 118]، وهم كعب بن مالك، ومرارة بن ربيعة وهلال بن أمية (¬1) وكان كعب من شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
والبيت من الكامل، والمعنى ظاهر.
الإعراب:
قوله: "وكفى بنا" الواو للعطف على ما قبله، و "كفى" فعل ماضٍ، و "بنا" مفعوله، والباء فيه زائدة كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع" (¬3) ويقال: إن الباء في البيت زائدة في الفاعل، و "حب النبي": بدل اشتمال على المحل (¬4).
وقوله: "شرفًا" نصب على التمييز، أي من حيث الشرف، قوله: "على من غيرنا" يتعلق بقوله: "شرفًا"، وكلمة "من" نكرة موصوفة، وصفتها هي قوله: "غيرنا"، وقال الكسائي: كلمة "من" ها هنا زائدة و "غيرنا" مجرور بـ "على" (¬5)، والأصح أن "من" ها هنا نكرة موصوفة والتقدير: على قوم غيرنا (¬6)، ويروى: على من غيرنا برفع غيرنا، والتقدير: على من هو غيرنا (¬7).
قوله: "حب النبي" كلام إضافي مرفوع؛ لأنه فاعل "كفى بنا"، على الوجه الأول بدل اشتمال كما ذكرنا، وقوله: "محمد" بيان من النبي، قوله: "إيانا": مفعول المصدر المضاف إلى فاعله، أعني: حب النبي.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "على من غيرنا" فإن "من" ها هنا إما نكرة موصوفة، أو زائدة كما ذكرنا (¬8).
¬__________
(¬1) ينظر السيرة النبوية لابن هشام (4/ 162)، طبعة دار إحياء التراث، تحقيق: مصطفى السقا وغيره، وروح المعاني للآلوسي (11/ 41) وما بعدها.
(¬2) ينظر الأغاني (16/ 240) وما بعدها.
(¬3) هو الحديث السادس في صحيح مسلم بشرح النووي وروايته: "عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا انْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ".
(¬4) ينظر المغني (109).
(¬5) ينظر المغني (329).
(¬6) ينظر المرجع السابق.
(¬7) السابق نفسه (328).
(¬8) هذا البيت روي برفع "غير" فيحتمل الكلام أن تكون "من" نكرة موصوفة، وأن تكون موصولة، وعلى كل حال ففي الكلام ضمير محذوف وتقديره: فكفى بنا شرفًا على من هو غيرنا، والجملة بعد من صفةٌ لها إن جعلتها نكرة، وصلةٌ إن قدرتها موصولة، ويروى: بجر "غير" فتكون صفة لمن، ويري الكسائي أن "من" في هذا الكلام ونحوه زائدة، وأن تقديره: فكفى بنا شرفًا على غيرنا، وهو جارٍ على أصل الكوفيين من جواز زيادة ما. ينظر المغني (109، 328، 329).

الصفحة 453