كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

نكرة وإنما زاد الألف واللام فيه للضرورة (¬1).

الشاهد الثالث والأربعون بعد المائة (¬2) , (¬3)
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي خَلَفٍ رَسُولًا ... أَحَقًّا أَنَّ أَخْطَلَكُمْ هَجَانِي
أقول: قائله هو النابغة الجعدي، وقد اختلف في اسمه، فقيل: قيس بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن قيس وقيل: حبان بن قيس بن عمرو بن عرس بن ربيعة، وإنما قيل له النابغة؛ لأنه قال الشعر في الجاهلية، ثم أقام مدة نحو ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثم نبغ فيه فسمي النابغة (¬4)، وطال عمرهُ في الجاهلية والإسلام، وهو أسن من النابغة الذبياني، وإنما مات النابغة الذّبياني قبله وعمَّر الجعدي بعده طويلًا، قيل: عاش مائة وثمانين سنة، ويقال عاش مائتين وأربعين سنة، وهذا لا يبعد؛ لأنه أنشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬5):
ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وكانا الإله هو المستآسا
فقال له عمر - رضي الله عنه -: كم لبثت مع كل أهل؟ قال: ستين سنة، فذلك مائة وثمانون سنة، ثم عاش بعد ذلك إلى أيام ابن الزبير - رضي الله عنه -، وإلى أن هجا أوس بن مغراء، وليلى الأخيلية، وكان يذكر في الجاهلية دينَ إبراهيم - عليه السلام - والحنيفية ويصوم ويستغفر، وله قصيدة أولها قوله (¬6):
الحَمْدُ لِلَّهِ لا شَريكَ لَهْ ... مَنْ لَمْ يَقُلْهَا فنَفْسَهُ ظَلَمَا
وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء والنار، ووفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأسلم.
¬__________
(¬1) قال ابن مالك: (وزائدًا يأتي ... إلى مثل قول الشاعر: ( ... البيت) أراد: وطبت نفسًا و "نفسًا" منصوب على التمييز، وتنكيره لازم فأدخل عليه الألف واللام غير معرفة". شرح الكافية الشافية (324)، وينظر شرح عمدة الحافظ (14)، وشرح التسهيل لابن مالك (2/ 260).
(¬2) ابن الناظم (40).
(¬3) البيت من بحر الوافر، وهو من قصيدة للنابغة الجعدي هجا بها الأخطل وبني سعد، ومدح بها كعب بن جعيل، وهي في الديوان (160)، وبيت الشاهد في الكتاب (3/ 137)، والخزانة (10/ 273)، والنابغة الجعدي حياته وشعره (225)، د. خليل إبراهيم، ط. دار العلم، دمشق.
(¬4) في النسخة (أ): ثم نبغ فيه فقاله فسمي النابغة.
(¬5) البيت من بحر المتقارب، وهو في ديوانه (78)، والنابغة الجعدي حياته وشعره (142)، وقبله قوله وهو مطلع القصيدة:
لبست أناسًا فنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا
(¬6) البيت من بحر المنسرح، من قصيدة طويلة نظمها في القرآن الكريم، وبها إشارات دينية، ينظر النابغة الجعدي حياته وشعره (397)، والديوان (132) (المكتب الإسلامي بدمشق 1964 م).

الصفحة 472