كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

والبيت المذكور من قَصيدة يهجو بها الأخطل النصرانيَّ حين هجاه الأخطلُ، وهي من الوافر وفيه العصب والقطف، ومنها قوله (¬1):
1 - يَظَلُّ لِنِسْوَةِ النُّعْمَانِ مِنَّا ... على سَفَوانَ يوم أرْوَنَانِ
2 - فَأرْدَفَنَا حَلِيلَتهُ وجئْنَا ... بما قد كان جَمّعَ مَنْ هِجَانِ
و"سفوان" -بفتح السين المهملة والفاء موضع قرب البصرة، ويقال: يوم أرونان وليلة أرونانة: شديدة صعبة، فإن قلتَ: "أرونان" ها هنا صفة ليوم وهو مرفوع، فكيف خفض أرونان؟ قلتُ: أصله: أروناني بياء النسبة للمبالغة؛ كالياء في أحمريّ ودواريّ ثم خفف، ويقال: إنه بالرفع على الإقواء، وفيه غلطة لابن الأعرابي؛ حيث قال: إنه مشتق من الرنة وهي الصوت (¬2)، ويرده أنه ليس في العربية: أفعوال (¬3)، وإنما هو من الرونة وهي الشدة، وهذا ذكره الجوهري في باب الراء والواو والنون، وقال: روّن ثم فسره (¬4).
قوله: "بني خلف" بنو خلف هم رهط الأخطل، وهم من بني تغلب، ويروى من بني جشم، وهي -أيضًا- قبيلة، قوله: "إن أخطلكم" قد قلنا: إنه أراد به الأخطل النصراني الشاعر المشهور وهو غياث بن غوث، أو غيث (¬5) بن غوث، قوله: "هجاني": من هجا يهجو هجوًا وهو خلاف المدح.
الإعراب:
قوله: "ألا": كلمة تنبيه تحقق ما بعدها، "وأبلغْ": أمر من الإبلاغ، وفاعله أنت مستتر فيه، وقوله: "بني خلف": كلام إضافي مفعوله، وقوله: "رسولًا": حال من الفاعل، واسم للمصدر بمعنى الرسالة فيكون مفعولًا ثانيًا.
فإن قلت: هل يجيء الرسول بمعنى الرسالة؟
¬__________
(¬1) البيتان في الصحاح، مادة: "رون"، وهما أيضًا في الديوان (163)، والنابغة الجعدي حياته وشعره، د. خليل إبراهيم (196)، ورواية البيت الأول فيه هي:
وظل لنسوة ................... ... ....................................
(¬2) اللسان، مادة: "رون".
(¬3) وهو عند سيبويه: "أفعلان" من كشف الله عنك رونة هذا الأمر أي شدته، ينظر اللسان، مادة: "رون".
(¬4) الصحاح، مادة: "رون" وفي النسخ أخطاء في هذا الموضع صححناها.
(¬5) في النسخة (أ): غويث.

الصفحة 473