كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

لا يقال: قام أنت فكذا الوصف (¬1).
والجواب: أن الفعل أقوى في العمل، فلما قوي عمله امتنع فصله، وإنما أجمعنا على أن فاعل الوصف ينفصل إذا جرى على غير صاحبه وألبس، فكما يفصل (¬2) لهذا الغرض يفصل لغرض آخر صحيح وهو كونه في اللفظ سادًّا مسد الخبر، وهو واجب الفصل ثم كيف يصنعون بهذا البيت، فإنهم إذا قدروا الضمير فيه مبتدأ لزم الإخبار عن الاثنين بالمفرد، وأما استدلال بعضهم بقول الآخر (¬3):
فما باسطٌ خيرًا ولا دافعٌ أذًى ... من الناس إلا أنتم آل دارم
فباطل لأن الحصر يصحح الفصل في مرفوع الفعل؛ كقوله (¬4):
قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَارَاتُهَا ... مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إلا أَنَا
فهذا لا يمنعه أحد في وصف ولا غيره، وإطلاقهم مقيد بما عدا ذلك ونحوه، وأولى ما يرد به عليهم قوله قعالى: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ} [مريم: 46] لأن الوصف قد تعلق به عن ومجرورها، فلو كان خبرًا كما يقتضيه مذهبهم وكما ذكر الزمخشري، لزم الفصل بين العامل ومعموله بالأجنبي (¬5).

الشاهد الحادي والخمسون بعد المائة (¬6) , (¬7)
خَبِيرٌ بَنُو لِهْبٍ فَلا تَكُ مُلْغِيًا ... مقالةَ لِهْبِيٍّ إِذَا الطَّيرُ مَرَّتِ
أقول: قائله رجل من الطائيين لم نقف على اسمه.
¬__________
(¬1) ينظر المغني (557)، والتذييل والتكميل لأبي حيان (3/ 270)، وينظر شرح التسهيل لناظر الجيش (2/ 883، 884)، والمساعد في شرح تسهيل ابن مالك (1/ 204، 205).
(¬2) في (أ): فصل.
(¬3) البيت من بحر الطويل، مجهول النسبة، وهو في المعجم المفصل في شواهد العربية (7/ 349)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 272)، والمساعد لابن عقيل (1/ 205).
(¬4) البيت من بحر السريع، لعمرو بن معدي كرب، قال سيبويه: "وتقول: ما جاء إلا أنا قال عمرو بن معدي كرب ( ... البيت) ". الكتاب لسيبويه (2/ 353)، وينظر ابن يعيش (3/ 101 - 103)، وشرح شواهد المغني (45)، واللسان: "قطر"، والمغني (309)، وشاهده: فصل أنا بعد إلا وإظهاره حيث لم يقدر على الضمير المتصل.
(¬5) راجع الكشاف (3/ 20)، والمغني (557)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 268)، وشرح شذور الذهب لابن هشام (181، 182)، والتذييل والتكميل (3/ 270)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 94)، وشرح التسهيل لناظر الجيش (1/ 882، 883).
(¬6) ابن الناظم (41)، وأوضح المسالك (1/ 136)، وشرح ابن عقيل (1/ 195).
(¬7) البيت من بحر الطويل نسب لرجل من الطائيين في شرح التصريح (1/ 157)، وانظره غير منسوب في الدرر (2/ 7)، وشرح عمدة الحافظ (157)، وشرح قطر الندى (272)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 94).

الصفحة 487