كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

وَمَنْ يَكُ بَادِيًا ويكنْ أَخَاهُ ... أَبَا الضَّحَّاكِ يَنْتسِجُ الشَّمَالا
وبعده:
ولم تَثِقِ العَوَاتِقُ مِنْ غَيُورٍ ... بِغَيرَتهِ وَخَلَّينَ الحِجَالا
وهي من الوافر وفيه العصب بمهملتين (¬1) والقطف.
قوله: "ينتسج" [] (¬2)، قوله: "والعواتق": جمع عاتق، وهي الجارية الشابة أول ما أدركت فخدرت في بيت أهلها ولم تبن إلى زوج.
قوله: "من غيور": من غار الرجل على [أهله] (¬3) يغار غيرًا وغيرة وغارًا، ورجل غيور وغيران، وامرأة غيور -أيضًا- وغيرَى، قوله: "وحلين" على صيغة المجهول، من التحلية بالحاء المهملة، هكذا رأيت أبا حيان ضبطه بيده، وقال ابن هشام: وخلين بفتح الخاء المعجمة. من التخلية، ثم قال: وتخليتهن الحجال من الفزع وعدم وثوقهن بأن آباءهن وحماتهن يمنعونهن، و "الحجال" بكسر الحاء المهملة [بعدها الجيم؛ جمع حجل -بفتح الحاء (¬4) وسكون الجيم؛ وهو الخلخال (¬5) وسمي القيد -أيضًا- حجلًا، وقد جاء كسر الحاء المهملة] (¬6) فيهما.
قوله: "المثوب": من التثويب وهو أن يجيء الرجل مستصرخًا فيلوح بثوبه ليرى ويشمّر فسمي الدعاء تثويبًا لذلك، ويقال: أصله من ثاب يثوب إذا رجع، قوله: "يالا" أي قال: يا لفلان، وهو حكاية صوت الداعي يا لفلان، فلما حذف فلانًا وقف على اللام فقال: يالا فصار حكاية كما تحكى الأصوات لما صار مصاحبًا للصوت الذي شبه به، وصار علامة للاستغاثة وشعارًا، فصار لذلك كسائر الأصواتا التي تحكى نحو: غاق (¬7).
ويقال: أصله: يا قوم لا تفروا ولا فرار (¬8) فحذف ما بعد لا النافية كما يقال: ألاتا، فيقال؛ ألافا يريدون ألا تفعلوا وألا فافعلوا (¬9)، وبهذا التقدير يجاب عما زعم الكوفيون أن اللام في
¬__________
(¬1) في (أ): بالمهملتين.
(¬2) ما بين المعقوفين فراغ في الأصل: (أ، ب) وفي اللسان: " (نسج) النَّسْجُ: ضَمُّ الشيء إِلى الشيء، هذا هو الأَصلُ نَسَجه يَنْسِجُه نَسْجًا فانْتَسَجَ، ونَسَجت الريحُ الترابَ تَنْسِجُه نَسْجًا: سَحَبَتْ بعضَه إلى بعض، والريحُ تَنْسِج التراب إِذا نَسَجت المَؤرَ والجَوْلَ على رُسومها".
(¬3) ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(¬4) في (أ): بكسر الحاء.
(¬5) قال البغدادي في شرح أبيات المغني (4/ 328): "الحجال: جمع حجلة -بفتح الحاء المهملة، والجيم، وهو بيت كالقبة يستر بالثياب، ويكون له أزرار كبار، ويكون للعروس، وأخطأ العيني في زعمه جمع حجل -بكسر فسكون بمعنى الخلخال".
(¬6) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬7) ينظر توضيح المقاصد (4/ 88).
(¬8) في (أ): لا فرار ولا تفروا.
(¬9) ينظر المغني (219) وقال سيبويه: "هذا باب إرادة اللفظ بالحرف الواحد ... وسمعت من العرب من يقول: ألاتا بلى =

الصفحة 490