كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

المستغاث بقية اسم وهو آل، والأصل: يا آل زيد، ثم حذفت همزة (آل) للتخفيف، وإحدى الألفين لالتقاء الساكنين، واستدلوا بقوله: فخير نحن عند الناس ... إلخ؛ فإن الجار لا يقتصر عليه (¬1).
الإعراب:
قوله: "فخير": مبتدأ، وقوله: "نحن": فاعل سد مسد الخبر، ولم يسبقه لا نفي ولا استفهام وقال [أبو] (¬2) علي وابن خروف (¬3): قوله: "فخير": خبر لنحن محذوفة؛ أي: نحن خير الناس منكم، فنحن تأكيد لما في خير من ضمير المبتدأ المحذوف، وحَسُنَ هذا التأكيد بحذف المبتدأ، فلو لم يحذف لكان حسنًا -أيضًا- فلا فصل بأجنبي، وقد وقع الفصل بالفاعل بين الصلة والموصول نحو [قوله - صلى الله عليه وسلم -] (¬4): "ما مِنْ أَيَّامٍ أحبُّ إلى الله فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة" (¬5) وكان ذلك حسنًا سائغًا، فإذا ساغ كان [ذلك] (¬6) التأكيد -أيضًا- أسوغ؛ لأنه قد يحسن (¬7) حيث لا يحسن غيره من الأسماء (¬8)، ويقال: إن "خير" صفة مقدمة يقدر ارتفاع نحن به، كما يجيز أبو الحسن: قائم الزيدان وعمل أفعل في الظاهر قليل (¬9).
فإن قلتَ: لمَ لا يجوز أن يكون نحن مبتدأ، وخبره قوله: "فخير" مقدمًا عليه فحينئذ لا يكون في البيت شاهد؟
قلتُ: هذا لا يجوز لما لزم (¬10) في ذلك من الفصل بين أفعل التفضيل "ومن" بمبتدأ، وأفعل
¬__________
= فا، فإنما أرادوا ألا تفعل وبلى فافعل، ولكنه قطع كما كان قاطعًا بالألف في أنا". الكتاب لسيبويه (3/ 320، 321).
(¬1) قال ابن هشام: "وزعم الكوفيون أن اللام في المستغاث بقية اسم وهو آل، والأصل: يا آل زيد ثم حذفت همزة آل للتخفيف وإحدى الألفين لالتقاء الساكنين، واستدلوا بقوله: فخير نحن ...... فإن الجار لا يقتصر عليه". المغني (219).
(¬2) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬3) هو علي بن محمد بن علي بن محمد، أقرأ النحو بعدة بلاد، صنف شرح سيبويه وشرح الجمل وكتابًا في الفرائض وغير ذلك (ت 609 هـ). ينظر بغية الوعاة (2/ 203، 204).
(¬4) ما بين المعقوفين زيادة للإيضاح.
(¬5) ينظر سننن الترمذي (3/ 122) حديث (758)، رمسلم (1348)، والنسائي (5/ 251)، وصحيح ابن حبان (9/ 164) رقم (3853).
(¬6) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(¬7) في (أ): حسن.
(¬8) قال ابن هشام: "وخرجه أبو علي وتبعه ابن خروف على أن الوصف خبر لنحن محذوفة، وقدر نحن المذكورة توكيدًا للضمير في أفعل". المغني (445).
(¬9) قال ابن هشام: "قوله: (نحن) إن قدر فاعلًا لزم إعمال الوصف غير معتمد، ولم يثبت وعمل أفعل في الظاهر في غير مسألة الكحل وهو ضعيف". المغني (445) حيث أن مذهب الأخفش جواز إعمال الوصف دون اعتماد على نفي أو استفهام. ينظر الارتشاف (2/ 27)، وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 274).
(¬10) في (أ): يلزم.

الصفحة 491