كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

التفضيل، ومن كمضاف ومضاف إليه، فإذا جعل (نحن) مرفوعًا بخير على الفاعلية لم يلزم ذلك؛ لأن فاعل الشيء كالجزء منه (¬1).
وقال ابن هشام في التذكرة: فإن قيل: أيجوز أن يكون (خير) خبر مبتدأ مقدمًا، ومنكم: غير صلة بل ظرف؛ كأنه قال: فخير نحن عند الناس فيكم؛ كما أنشد أبو زيد -أيضًا- (¬2):
ولستُ بالأَكْثَرِ منهم حَصًى ... ...............................
تقديره: ولست أكثر فيهم حصى؛ لأن أل ومن لا يجتمعان.
فالجواب: أن هذا ليس قصد الشاعر ولا المعنى عليه، إنما يريد: نحن خير منكم، لأنا نفعل ما لا تفعلون؛ ألا تراه يقول بعده:
فلم تثق العواتق من غيور ... بغيرته وخلين الحجالا
قوله: "عند الناس" كلام إضافي، والعامل خير، لا المبتدأ المحذوف؛ أعني: "نحن" الذي يقدر قبله، على رأي أبي علي وابن خروف، على أن يكون التقدير: فنحن عند الناس خير منكم؛ لأنك إن نزلته هذا التنزيل فصلت بين الصلة والموصول بالأجنبي.
قوله: "إذا الداعي": مرفوع بفعل محذوف يفسره الظاهر تقديره: إذا قال الداعي، و "المثوب": صفة الداعي، قوله: "يالا": مقول القول.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "فخير نحن" حيث سد "نحن" الذي هو فاعل مسد الخبر من غير أن يتقدمه نفي ولا استفهام، وهذا شاذ عند سيبويه (¬3) وقد قررناه (¬4).
¬__________
(¬1) شرح التسهيل لابن مالك (1/ 274).
(¬2) من السريع للأعشى ديوانه (181) سلسلة شعراؤنا، طبعة دار الكتاب العربي ثانية (1994 م) وعجزه:
.......................... ... إنما العزة للكاثر
ينظر ابن يعيش (6/ 103)، وشرح التصريح (2/ 104)، والأشموني (3/ 35)، والخزانة رقم (617)، والمساعد (2/ 174)، وشواهد ابن عقيل (195)، وشرح التسهيل لابن مالك (3/ 58).
(¬3) قال سيبويه: "ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل، يعني: هذا رجل ضارب زيدًا، وتنصب كما ينصب الفعل". ينظر الكتاب لسيبويه (1/ 21)، وينظر (1/ 108) وما بعدها، والشاهد موافق لاختيار ابن مالك والأخفش والكوفيين، وهو قول سيبويه كما نص عليه ابن مالك، لكنه على قبح دون منع. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (1/ 273، 274).
(¬4) ينظر الشاهد (150، 151).

الصفحة 492