كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

المعنى: بنو أبنائنا مثل بنينا؛ فقدم الخبر وحذف المضاف، وبنو بناتنا أبناء الرجال الأباعد، أي الأجانب.
الإعراب:
قوله: "بنونا" أصله: بنون لنا؛ فلما أضيف إلى: "نا" المتكلم، سقطت النُّون وصار "بنونا"، وكذلك الكلام في: بنو أبنائنا [فقوله: "بنو أبنائنا": كلام إضافي مبتدأ، وقوله: "بنونا" مقدمًا خبره، والمعنى: بنو أبنائنا] (¬1) مثل بنينا؛ لأن المراد بالحكم علي بني أبنائهم بأنهم كبنيهم، وليس المراد بالحكم علي بنيهم كبني أبنائهم، قوله: "وبناتنا": كلام إضافي مبتدأ، قوله: "بنوهن": كلام إضافي -أَيضًا - مبتدأ ثان، وقوله: "أبناء الرجال": كلام إضافي -أَيضًا - خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول، وقوله: "الأباعد": صفة الرجال.
الاستشهاد فيه:
على جواز تقديم الخبر مع كونه مساويًا للمبتدأ؛ لقيام قرينة دالة على تعيين المبتدأ وتعيين الخبر (¬2) وذلك من المعلوم أن المراد ها هنا تشبيه بني الأبناء بالأبناء، لا تشبيه الأبناء بأبناء الأبناء، وقد علم أن الأصل: تقديم المبتدأ على الخبر؛ لأن المبتدأ عامل في الخبر، وحق العامل أن يتقدم كسائر العوامل، ولكن قد يتقدم الخبر على المبتدأ لقيام القرينة التي يتميز بينهما؛ كما في قولك: أبو يوسف أبو حنيفة فقهًا، فإن من المعلوم أن المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة، لا تشبيه أبي حنيفة بأبي يوسف [رضي الله تعالى عنهما] (¬3) حتَّى لو قيل: أبو حنيفة أبو يوسف فقهًا. لم يخف
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(¬2) يجوز تقديم الخبر إن لم يوهم ابتدائيته نحو: قائم زيد. فإن أوهم بأن كانا معرفتين أو نكرتين لكل منهما مسوغ ولا مبين للمبتدأ من الخبر، فأيهما قدمت فهو المبتدأ نحو: زيد أخوك، وأفضل من زيد أفضل من عمرو، فإن وجد مبين جاز تقديم الخبر كقوله: ( ... البيت) فبنونا: خبر مقدم، وبنو أبنائنا: مبتدأ مؤخر. كما يجوز تقديمه إن لم يوهم فاعلية المبتدأ نحو: زيد قام، فلو قدم (قام) لأوهم أن زيدًا فاعل، ولهذا إذا برز الضمير نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا، يجوز التقديم في الأصح. كذلك لا يجوز تقديمه إن اقترن بالفاء نحو: الذي يأتيني فله درهم؛ لأن الفاء دخلت لشبهه بالجزاء، والجزاء لا يتقدم على الشرط. وكذا إذا اقترن بإلا لفظًا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ}، أو معنى كقوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} .... ينظر المساعد لابن عقيل (1/ 220 - 223).
وقد جمع ابن مالك مواضع جواز تقديم الخبر على المبتدأ فقال: "والأصل تأخير الخبر، ويجوز تقديمه إن لم يوهم ابتدائية الخبر، أو فاعلية المبتدأ، أو يقرن بالفاء، أو بإلا لفظًا أو معنى في الاختيار، أو يكن لمقرون بلام الابتداء، أو لضمير الشأن أو شبهه، أو لأداة الاستفهام أو شرط، أو مضاف إلى إحداهما" -تسهيل الفوائد بشرحه لابن مالك (1/ 296).
(¬3) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

الصفحة 504