كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

على نفسه ثم أتى عبد العزيز بن مروان (¬1) فمدحه فوصله عبد العزيز بن مروان وأدى عنه ما كاتب عليه فصار له ولاؤه، فقال قوم: إنه من بني قضاعة، وكانت أمه أَمةً سوداء فوقع عليها سيدها فاستولدها (¬2) نصيبًا، فاستعبده عمه بعد موت أَبيه وباعه من عبد العزيز بن مروان، وقيل: كان من أهل ودان عبد لرجل من كنانة، هو وأهل بيته وكان عفيفًا، لم يتشبب قط إلَّا بامرأته، وكان أهل البادية يدعونه بالنصيب تفخيمًا له، وسمي نصيبًا؛ لأنه لما ولد قال سيده: ائتونا بمولودنا هذا ننظر إليه، فلما أتي به قال: إنه لنصيب الخلق فسمي نصيبًا، ويكنى أَبا محجن، وقيل: أَبا الحجناء.
وكان شاعرًا إسلاميًّا حجازيًّا من شعراء بني مروان (¬3)، وفيهم نصيب آخر يسمى نصيبًا الأصغر وهو مولى المهدي، وهو عبد نشأ باليمامة واشتري للمهدي في حياة المنصور، فلما سمع شعره قال: والله ما هو بدون نصيب مولى بني مروان؛ فأعتقه وزوجه أمة له يقال لها: جعفرة، وكناه أَبا الحجناء، وأقطعه ضيعة بالسواد، وعفر بعده، وإنما ذكرناه فرقًا بينهما؛ لأنه يشتبه على كثير من النَّاس، وبعد البيت المذكور:
وما هَجَرَتْكِ النفْسُ يَا ليلَ أَنَّهَا ... قَلَتْك وَلا أَنْ قَلَّ مِنْكِ نَصِيبُهَا
ولكنهُم يَا أَمْلَحَ النَّاس أولِعُوا ... بقولٍ إذَا مَا جِئْتُ هَذَا حَبِيبُهَا
وهي من الطَّويل والقافية متدارك.
قوله: "أهابك": من هابه يهابه هيبةً ومهابةً، وهي الإجلال والخافة، والإجلال: التعظيم؛ من أجله إذا عظمه، والمعنى: أهابك لا لاقتدارك عليّ، ولكن إعظامًا لقدرك؛ لأن العين تمتلئ ممن تحبه فتحصل المهابة، والضمير في: "حبيبها" للعين، وإن جعلتها للمرأة جاز كما قاله الخطيب التبريزي (¬4) , (¬5).
قوله: "وما هجرتك النفس ... إلخ" ويروى:
وما هجرتك النفسُ أنك عندها ... قليل ولكنْ قَل منك نصيبُها
¬__________
= شواهد النحو الشعرية (84).
(¬1) هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أمية (ت 85 هـ). ينظر الأعلام (4/ 28).
(¬2) في (أ): فأولد ها.
(¬3) ينظر طبقات الشعراء لابن سلام (186)، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
(¬4) هو يحيى بن عليّ بن محمَّد الشَّيبانِيّ التبريزي (ت 502 هـ). ينظر الأعلام (8/ 157، 158).
(¬5) انظر نصه في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (3/ 1363) (دار الجيل - بيروت).

الصفحة 510