كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية (اسم الجزء: 1)

الشاهد الثالث والستون بعد المائة (¬1) , (¬2)
فَقَالتْ حَنَانٌ مَا أَتَى بِكَ هَا هُنَا ... أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بِالحيِّ عَارِفُ
أقول: أنشده سيبويه في كتابه، ولم يعزه إلى أحد، وقال: سمعت عن بعض العرب الموثوق بهم ينشده.
وهو من الطَّويل.
قوله: "فقالت" أي: المرأة المعهودة، قوله: "حنان" -بفتح الحاء وتخفيف النُّون، أي: رحمة، يقال منه: حنَّ عليه يحنُّ حنينًا، ومنه قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} [مريم: 13] والحي: واحد أحياء العرب، قوله: "عارف": من عرف بالفاء.
الإعراب:
قوله: "فقالت": جملة من الفعل وفاعله وهو المستتر فيه، قوله: "حنان": خبر مبتدأ محذوف أي: أمري حنان، والأصل: أَتحنن عليك حنانًا، أي: أرحمك وأشفق عليك، ثم حذف الفعل فبقي المصدر المنصوب وهو (حنانًا) ثم رفع؛ لأن في الرفع تصيير الجملة اسمية، وفي النصب هي فعلية، والاسمية أدل على الثبوت والدوام من الفعلية، فلذلك عدل عنها إلى الاسمية، فلما رفع قدر له مبتدأ وهو قولنا: أمري حنان.
قوله: "مما": استفهام، أي: أي شيء أتى بك ها هنا؟ يعني: عندنا، قوله: "أذو نسب؟ " الهمزة فيه للاستفهام -أَيضًا- و"ذو نسب": كلام إضافي خبر مبتدأ محذوف، أي: أَنْتَ ذو نسب أم أَنْتَ بالحي عارف؟
وحاصل المعنى: لأي شيء جئت ها هنا؟ ألك نسب ها هنا؟ تعني: قرابة جئت لهم أم لك معرفة بالحي؟ وإنما قالت ذلك خوفًا عليه ورحمة من جهة الحي، فافهم، قوله: "أَنْتَ": مبتدأ، قوله: "عارف": خبره، "بالحي": يتعلق بعارف.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "حنان" فإنَّه حذف منه المبتدأ -كما قلنا- حذفا واجبًا كما ذكرنا من المعنى،
¬__________
(¬1) ابن الناظم (48)، وأوضح المسالك (1/ 153).
(¬2) البيت من بحر الطَّويل، لم ينسب في بعض مراجعه. ينظر الكتاب (1/ 320، 349)، والخزانة (1/ 277)، ونسبه إلى المنذر بن درهم الكلبي، وينظر ابن يعيش (1/ 118)، شرح التصريح (1/ 177)، وهمع الهوامع للسيوطي (1/ 189).

الصفحة 512